للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الطبري (١) عن الحسن قال: أخبرني الأحنف أن معاوية كتب إلى أمير المؤمنين أن: امْحُ هذا الاسم إن أردتَ أن يكون بيننا صُلْح، فاستشار عليّ بني هاشم، فقال له الأحنف ما قال.

وفي رواية هشام: فأُخبر معاوية فقال: بئس الرجل أنا إن أقررتُ أنَّه أمير المؤمنين ثم أقاتله.

رجع الحديث إلى حديث أبي مخنف قال: فكتبوا الكتاب وفيه:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضى علي على أهل الكوفة ومَن معه من شيعته من المسلمين والمؤمنين، وقاضى معاوية على أهل الشام ومَن معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين؛ أنهما نزلا على حكم الله وكتابه، يُحييا ما أحيا، ويُميتا ما أمات، فما وَجد الحكمان في كتاب الله -وهما أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري، وعمرو بن العاص القرشي- عملا به، وما لم يجدا في كتاب الله ففي السنة العادلة الجامعة غير المفرِّقة (٢)، والحكمان أمينان على أنفسهما والأمة، وقد وَضعا السلاح بينهما إلى مدة وأجل وهو رمضان، ثم يحكمان بين هذه الأمة، ولا يَرُدَّاها في حرب ولا فُرقة، وإن أحبا أن يُؤخِّرا الأجل عن تراضٍ منهما فعلا، وإن مكان قَضيّهما الَّذي يقضيان فيه مكان عدل بين الكوفة والشام، ولا يحضرهما إلا من أرادا.

ثم شهد الشهود على ذلك: الأشعث بن قيس الكندي، وسعيد بن قيس الهمْداني، وجماعة من أصحاب أمير المؤمنين، ومن أصحاب معاوية: أبو الأعور السُّلَمي، وحبيب بن مَسْلَمة الفِهريّ، وعتبة بن أبي سفيان.

وذكر أبو مخنف كلامًا طويلًا اختصرتُه.

وقال ابن إسحاق: كان في الكتاب: هذا ما تقاضى عليه علي ومعاوية وشيعتهما فيما تراضيا به من الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وأن يقفا عند حكم القرآن، فإن لم


(١) في تاريخه ٥/ ٥٣.
(٢) في (خ): المتفرقة، والمثبت من الطبري ٥/ ٥٣.