للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُروة: أتُحكِّمون في أمر الله الرجال؟؛! ثم شدَّ بسيفه فضرب عَجُز دابّة الأشعث ضربةً خفيفة، واندفعت الدابة، وصاح به أصحابه أن املك يدَك، ثم اعتذر أصحاب عروة وسادات بني تميم إلى الأشعث فقبل وصفح.

وقال الواقدي: خرج الأشعث بالكتاب فجعل يمرُّ به على القبائل، فقال أخوان من عَنَزَة - اسم أحدهما جعدة والآخر مَعْدان: لا حُكْمَ إلا لله، ثم شَدّا على أهل الشام، فقاتلا حتَّى قُتلا، فهما أول من حكَّم.

ثم مرّ على رايات مُراد، فقرأه عليهم، فقال صالح بن سفيان (١) وكان من أفاضلهم: لا حُكم إلا لله وإن كره المشركون، ثم مر الأشعث على رايات بني راسِب فتنادَوا: لا حكم إلا لله.

وقال ابن إسحاق: قال عروة بن أدَيَّة: أتُحكِّمون في دين الله [الرجال]؟! فأين قتلانا يا أشعث، ثم حمل عليه بسيفه فأخطأه.

وجاء مُحرِز بن حُبَيْش (٢) إلى علي، فقال له: أما إلى الرجوع عن هذا الكتاب سبيل، أما والله إني لخائف أن يُورثَك ذُلًا، قد انتقضت القبائل عليك، فقال علي: أبعد أن كتبناه نَنقُضُه كيف يجوز ذلك؟!

وقد ذكرنا أن تاريخ الكتاب في صفر، وأن يكون اجتماع أمير المؤمنين ومعاوية في رمضان، ومع كلّ واحد منهما نَفَرٌ يسير من أصحابه، إما بدَوْمَة الجَنْدل، أو بأَذْرُح، ومع كل واحد خمس مئة أو أقل، ورحل معاوية إلى الشام بالألفة من أهل الشام، ورحل أمير المؤمنين إلى العراق بالاختلاف والافتراق.

وقد حكى ابن سعد طرفًا من هذا فقال: ثم خرج علي يريد معاوية ومن معه من أهل الشام، فالتقوا بصفّين في صفر سنة سبع وثلاثين، فلم يزالوا يقتتلون بها أيامًا. وقُتل بصفين عمار بن ياسر، وخُزَيمة بن ثابت، وأبو عَمْرة المازني، وكانوا مع علي.

قال ابن سعد: ورفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها مكيدة من عمرو بن


(١) في الأخبار الطوال ١٩٧: شقيق.
(٢) في الأخبار الطوال ١٩٧: خُنيس، وفي وقعة صفين ٥١٩: جريش.