للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشجعي لقومه - وكان من رؤوس الخوارج: يا قوم، والله ما ندري علام نُقاتل عليًّا! وليس لنا في قتاله حُجّةٌ ولا بيان، فانصرِفوا حتَّى يتَّضح لنا بصيرةٌ في قتاله أو في اتباعه، ثم اعتزل الخوارج، ومضى في خمس مئة رجل إلى البَنْدَنِيْجين، وخرجت طائفة أخرى فلحقوا بالكوفة، واستأمن إلى الراية منهم ألفُ رجل، فلم يبق مع عبد الله بن وهب منهم إلا أقل من أربعة آلاف، وقيل بقي معه ألف وثمان مئة، وكانوا اثنَي عشر ألفًا.

وقال علي لأصحابه: لا تبدؤوهم بقتال حتَّى يبدؤوكم، فتنادت الخوارج: لا حُكم إلا لله، الرَّواح إلى الجنّة، ثم شَدُّوا على أصحاب علي شدَّةً واحدة، فلم تثبت لهم خيل علي، وافترقت الخوارج فرقتين: فرقة منهم نحو الميمنة، وأخرى نحو الميسرة، وحمل قيس بن معاوية البُرْجُمي من أصحاب أمير المؤمنين على شُريح بن أَوْفى، فضربه بالسيف على ساقه فأبانها، فجعل يقاتل برِجْلٍ واحدة ويقول: [من الرجز]

الفَحْلُ يَحمي شَوْلَه مَعْقُولا (١)

فحمل عليه قيس بن سعد فقتله.

وحكى أبو مِخْنَف، عن عبد الملك بن مُسلم، عن حكيم بن سعد قال: ما هو إلا أن لقِينا أهل النهر فما ألْبثناهم، كأنهم قيل لهم موتوا فماتوا.

وفي رواية: فما لبثوا أن أناموهم.

وقال له أبو أيوب الأنصاري (٢): يا أمير المؤمنين، قتلتُ زيد بن حُصَين، قال فما قلت وما قال؟ قال: طعنتُه بالرُّمح في صدره فنجَم من ظهره، وقلت: أبشِر يا عدوَّ الله بالنار، فقال: ستعلم أيُّنا أولى بها صِلِيَّا، فسكت علي عليها. وفي رواية أبي مخنف أيضًا فقال علي: هو أولى بها صِلِيًّا.

واختلف هانئ بن خطّاب الأرْحَبِيّ وزياد بن خَصَفَة في قتل عبد الله بن وهب الرَّاسِبيّ، فقال علي: كيف صنَعتُما؟ قالا: طعنَّاه، فقال: كلاكما قتله. وقتل أبو


(١) الطبري ٥/ ٨٧، والأخبار الطوال ٢١٠، وأنساب الأشراف ٢/ ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٢) كذا، وفي الطبري ٥/ ٨٧: قال أبو مخنف، فحدثني أبو جناب: أن أبا أيوب أتى عليًّا فقال …