للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكره أبو زرعة وابن سعد ممن نزل الشام من الصحابة، وذكره جدي في "التلقيح" (١) فيمن له صحبة، ولم يذكره فيمن له رواية.

وقال أبو زرعة: بعثه أبو بكر الصديق إلى الشام، فنزل حمص، وولّاه عمر بعد ذلك قضاء حمص.

وقال ابن عبد البر: ولّاه عمر ناحية من نواحي الشام، فرأى في منامه كأن الشمس والقمر يقتتلان، ومع كلِّ واحدٍ منهما كواكب، فقصّ رؤياه على عمر ، فقال له: مع مَن كنتَ؟ فقال: مع القمر، فقال: كنتَ مع الآية الممحوَّة، واللهِ لا تلي لي (٢) ولايةً أبدًا، يُشير إلى قوله ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ الَّلْيلِ﴾ [الإسراء: ١٢] قال: فقُتل مع معاوية بصفين، وكان على الرجَّالة، وبيده راية طيّئ، وهو خَتَنُ عديّ بن حاتم، وخالُ ابنه زيد بن عديّ.

وذكر أبو البَخْتَريّ قصة حابس مع عمر أتمّ مما ذكرها ابن عبد البر فقال: ولّاه عمر قضاء حمص، وقال له: كيف تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فسنة رسول الله ، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟ قال: أجتهد رأي واستشير جُلسائي، فقال له عمر: أصبتَ وأحسنت.

ثم لقيه عمر بعد ذلك فقال: ما منعك أن تسير إلى عملك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، رأيتُ رؤيا هالتني، قال: وما رأيت؟ قال: رأيتُ كأن الشمس والقمر يقتتلان، أقبلت الشمس من المشرق في جمع كثير من الكواكب، وأقبل القمر من المغرب في جمع كثير من الكواكب، فاقتتلا، فقال عمر له: فمع أيهما كنت؟ قال: مع القمر، فقرأ عمر ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ الَّلْيلِ﴾ الآية، ثم قال: اردُدْ علينا عهدَنا، فرَدَّه (٣).

وقتل بصفين مع معاوية.

قلت: وفي هذا الأثر فوائد منها: أن عمر كان يَعرف التأويل، فكأنه فهم أنَّه سيقتتل


(١) طبقات ابن سعد ٩/ ٤٣٥، وتلقيح فهوم أهل الأثر ١٧٦، وتاريخ دمشق ٤/ ٥٦ - ٥٧ (مخطوط).
(٢) في (خ) و (ع): له، والمثبت من الاستيعاب (٥٤٦).
(٣) تاريخ دمشق ١٩/ ٢٩٨ - ٢٩٩ (مخطوط).