للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكان، أحدهما يكون معه الحق، والآخر على الباطل، ودليلُه طلوع الشمس من المشرق، وإتيانها من مطلعها، وليس من عادة القمر أن يطلُع من المغرب، فكان شيعيًّا.

والثاني: فِراسة عمر في حابس، وجاء كما قال وهو قتلُه بصفّين.

والثالث: أنَّه لا بأس بالفأل وتكره (١) الطِّيَرة.

والرابع: أن الإنسان إذا قُلّد عملًا ينبغي له أن يُبادر ويسيرَ إليه؛ لأنه التزم الأمانة، فيجب عليه المبادرة إلى أدائها، ولهذا أنكر عمر عليه.

وقال ابن لهيعة: اجتمع بصفّين حابس بن سعد وأبو مُسلِم الخَولاني ورَبيعة الحَرَشِيّ -وكانوا مع معاوية- فقالوا: ليَدْعُ كلُّ واحد منا بدعوة، فقال أبو مسلم: اللهمَّ اكِفنا وعافنا، وقال حابس: اللهمَّ اجمع بيننا وبينهم واحكم ليننا، وقال ربيعة: اللهمَّ أبْلِنا بهم وأبْلِهم بنا، قال: فلما التقَوا قُتل حابس، وفُقئت عين ربيعة، وعُوفي أبو مسلم (٢).

وقد حكينا أن الأشتر مرَّ مع أمير المؤمنين على حابس بن سعد؛ فرآه مقتولًا فقال: هذا اليَماني عهدتُه مؤمنًا، ثم قُتل على ضلاله، فقال له علي: وهو الآن مؤمن.

وذكره أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" فقال: حدّث عن أبي بكر وفاطمة بنت رسول الله ، وروى عنه جُبير بن نُفَير وسعد بن إبراهيم.

وتكلّم فيه الدارقُطني أنَّه مجهول فقال: حابس متروك، وقال مَرَّة أخرى: مجهول (٣)، [وهذا] وَهْم منه، فإن شُهرته ظاهرة لما ذكرنا، وقوله متروك يحتمل أنَّه ضَعَّف روايتَه، حيث لم يَقبَلْه عمر وعَزَله.

ولم يختلفوا أنَّه قُتل بصفّين يوم قُتل عمار.

وليس في الصحابة مَن اسُمه حابس بن سعد غيرُه، فأما غير ابن سعد فآخر يُقال له:


(١) في (خ) و (ع): وتكثرة؟!
(٢) تاريخ دمشق ٤/ ٥٩ (مخطوط).
(٣) تاريخ دمشق ٤/ ٥٧.