للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطاب، فأجلسه على مُتَّكَئه وقال: ما على وجه الأرض أحدٌ أحقّ بهذا المجلس من هذا إلا رجل واحد، فقال له خَبَّاب: مَن هو يا أمير المؤمنين؟! قال: بلال، فقال خَبَّاب: ما هو بأحقّ مني، إن بلالًا كان له من المشركين مَن يَمنعُه الله به، ولم يكن لي أحدٌ يَمنعني، ولقد أخذوني يومًا، فأوقدوا لي نارًا، ثم سَلَقوني فيها، ثم وَضَع رجلٌ رِجلَه على صدري، فما اتَّقيتُ الأرض إلا بظَهْري، ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد بَرِص (١).

وأخرج أبو نعيم بمعناه وفيه: أوقَدوا لي نارًا، ما أطفأها إلا وَدَك ظهري، وكشف ظهره، فقال عمر: ما رأيتُ كاليوم (٢).

وقال هشام بن محمد: كانت أمُّ أنمار مَولاة خَبَّاب تَحمي الحديدة وتَضَعُها على رأس خَبَّاب، فشكى ذلك إلى رسول الله ، فدعا عليها فاشتكتْ رأسَها، وكانت تَعوي مع الكلاب، فقيل لها: اكتوي، وكان خَبَّاب يَحمي الحديدةَ ويكوي بها رأسَها.

وقال الواقدي: الَّذي كان يُعذِّب خَبّابًا عُتبة بن أبي وَقَّاص، أخو سعد، وقيل: الأسود بن عبد يَغوث (٣).

وقال أحمد (٤) بإسناده، عن مَسروق، عن خَبَّاب قال: كان لي على العاص بن وائل السَّهْميّ دَينٌ، وكنتُ رجلًا قَينًا، فأتيتُه أتقاضاه فقال: لا والله، لا أَقضيك حتَّى تكفر بمحمد، فقلت له: والله لا أكفر به حتَّى تموت ثم تبعث، فقال: وإني لمبعوث من بعد الموت؟ قلت: نعم، قال: سوف أقضيك إذا رجعتُ إلى مالٍ وولد، فأنزل الله تعالى ﴿أَفَرَأَيتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ إلى قوله ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ [مريم: ٧٧ - ٨٠] الآية. أخرجاه في الصحيحين (٥)، والعاص هو أبو عمرو بن العاص.

وقال أحمد بن حنبل -كان خباب قد اكتوى لأمراض كانت به قال: حدثنا يزيد بن


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ١٥٢.
(٢) حلية الأولياء ١/ ١٤٢ - ١٤٣.
(٣) أنساب الأشراف ١/ ٢٠٢، ٢٠٣.
(٤) في مسنده (٢١٠٧٥).
(٥) صحيح البخاري (٢٠٩١)، وصحيح مسلم (٢٧٩٥).