للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمشاهدَ كلّها مع رسول الله ، ويقال له: ذو الشَّهادَتَين، وأُمُّه: كُبَيشَة بنت أوس بن عديّ [بن أميّة بن عامر بن] خَطْمَة أيضًا (١).

قال أحمد بإسناده عن عمارة بن خُزيمة الأنصاري، أن عمَّه حدَّثه وهو من أصحاب رسول الله : أن النبي ابتاع فرَسًا من أعرابيٍّ، فاستَتْبَعَه رسولُ الله ليَقْبْضِ ثَمنَه، فأسرع رسول الله المَشْيَ، وأبْطأ الأعرابيّ، وطَفِق رجالٌ يَعترضون الأعرابيّ ويُساومونه الفرس، ولا يَشعرون أن رسول الله ابتاعَه، حتى زاد بعضهم في الثَّمن، فنادى الأعرابيُّ رسولَ الله : إن كُنتَ مُبْتاعًا لهذا الفَرَس وإلا بعتُه، فقال: "أليس قد ابتَعْتُه منك؟ " قال: لا والله، فقال رسول الله : "بلى"، فقال: هَلُمَّ شهيدًا، وطَفِق المسلمون يَلوذون برسول الله ويقولون: وَيحك، وإن رسول الله لا يقول إلا حقًّا، فجاء خُزيمة بن ثابت فقال: أنا أشهد أنك بايَعْتَه، فقال له رسول الله : "بم تَشْهد يا خُزيمة ولم تكن معنا؟ " فقال: أشهد بتصديقك، وإنَّا قد آمنَاك على أكثر من هذا، وفي رواية: أنا أُصدِّقُك في خبر السماء، ألا أُصَدِّقُك في هذا؟ فجعل رسول الله شهادتَه بشهادةِ رجُلَين (٢).

الكلام على الحديث: قال الواقديّ: لم يُسمّ لنا أخو خُزَيمة راوي هذا الحديث، وكان له أخوان: عبد الله، وهو أخو خُزَيمة لأبيه وأُمّه، وأمهما كُبَيشَة، وله عَقِب، والآخر يُقال له: وَحْوَح، ولا عَقِب له (٣).

وقال ابنُ لَهِيعة: اسم الأعرابي الَّذي باع الفَرَس: سَوَّار بن قيس المُحارِبيّ.

فإن قيل: فالحكم لا يَثبت إلا بشهادة شاهدَين! فالجواب من وجهين: أحدهما: أن رسول الله حكم على الأعرابي بعلمه، وشهادة خُزيمة أكَّدت ذلك، فصار بمنزلة شاهدَين، أو شاهد ويمين في جميع الأحكام. وهذا جواب أبي سليمان الخَطّابي (٤)، لكن إنما يُخرَّج على قولِ مَن يَرى أن الحُكم يَثبت بشاهد وَيمين، وَيرى أن الحاكم يحكم بعلمه.


(١) طبقات ابن سعد ٥/ ٢٩٧.
(٢) مسند أحمد (٢١٨٨٣).
(٣) طبقات ابن سعد ٥/ ٢٩٨.
(٤) في معالم الحديث ٤/ ١٧٣.