للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام: وقع عبيد الله إلى الأرض وبه رَمَق، فرآه المِرقال هاشم بن عُتبة وهو جريح، وكان قريبًا منه، شدبّ إليه، فقبض على ثُنْدُوَتِه بأسنانه حتَّى مات (١).

وحكى أبو الفرج الأصفهاني في "مقاتل الطّالبيين" قال: خرج عُبيد الله بن عمر في كتيبة يُقال لها: الخضراء، وكان بإزائه محمد بن جعفر بن أبي طالب، وبيده راية أمير المؤمنين، ويقال لها: الجموح، وكانا في عشرة آلاف، فاقتتلوا قِتالا شديدًا، فصاح عبيد الله بن عمر: فحتى متى هذا الحَذَر؟ ابرز إلي حتَّى أُناجزك، فبرز إليه محمد، فتَطاعنا حتَّى تكَسَّرت رماحهما، ثم تضاربا حتَّى انكسر سيفُ محمد، ونشب سيف عبيد الله في الدَّرَقة، فتعانقا، وعضّ كلُّ واحد منهما [أنفَ] صاحبه، فوقعا عن فرسيهما، وحمل أصحابهما فقتل منهما خلقٌ كثير، حتَّى صار عليهما مثل التَّلِّ العظيم من القتلى.

وحمل أمير المؤمنين فأزال أهلَ الشام وقال: اكشفوا لي هؤلاء القَتلى عن ابن أخي، فكشفوهم، وإذا بهما مُتعانقان ميّتان، فقال علي : والله لَعَنْ غير حُبٍّ تعانقتما.

ثم قال أبو الفرج الأصفهاني: وهذه رواية الضَّحاك بن عثمان، ولم أعلم أن أحدًا من أهل السِّير ذكر أن محمد بن جعفر قَتَل عُبيد الله بن عمر، ولا سمعتُ لمحمد بن جعفر في كتاب أحدٍ منهم ذكر مَقتل.

ثم قال أبو الفرج: واختلفوا في قاتله؛ فقالت هَمْدَان: قتله هانئ بن الخطَّاب، وقالت حضرموت: قتله مالك بن عمرو النَّاطِفي (٢)، وقالت بكر بن وائل: قتله رجل من تَيْم الله بن ثَعلبة يُقال له: مالك بن الصَّحْصَح بصري، وأخذ سيفَه ذا الوِشاح، فلما بويع لمعاوية بعث إليه إلى البصرة فأُخِذ منه، وكان سيفًا لا يُوجد مثله.

وقال ابن منده: لا يُعرف لعبيد الله بن عمر مسند يَصحّ.


(١) انظر في مقتل عبيد الله وقاتله: طبقات ابن سعد ٧/ ٢١ - ٢٣، والأخبار الطوال ١٧٨، ووقعة صفين ٢٩٧، ٣٣٠، ٣٥٥ - ٣٥٦، وأنساب الأشراف ٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥، ومروج الذهب ٤/ ٣٦٦ - ٣٦٨، والاستيعاب (١٦١٣)، وتاريخ دمشق ٤٤/ ٣٦٣ و ٣٦٥.
(٢) في مقاتل الطالبيين ٢١ - ٢٣: التُّبَّعي، وما بين معكوفين منه، وفي وقعة صفين ٢٩٨: السبيعي.