للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَصَفة، فبقي طُنْبٌ ماله وَتد، وعبيد الله قتيلٌ هناك، فشَدُّوا الطُّنب في رِجل عبيد الله.

وأقبلت امرأتان فوقفتا عليه، وصرختا وبكتا، فقال زياد: مَن هاتان؟ قالوا: أسماء وبَحرِيَّة، قال: وما يطلبان؟ قالوا: جيفَةَ عُبيد الله، فأرسل إلى أمير المؤمنين يَسألُه في ذلك، فقال: إنما هي جيفة كلب، لا يحلُّ بَيعُها، فدفعه إليهم، فحملوه على بَغْلٍ، فذكروا أن يَدَيه ورجلَيه كانتا تَخطُّان الأرض، قال: وسُرَّ معاوية بقتله، كما سُرَّ بقتل ذي كَلَع.

قال الواقدي: ولما حُمل خرج معاوية ومعه سرير، فتلقّاه وحمله عليه، وجعل يبكي ويقول: قُتل ابن الفاروق في طاعة خليفتكم فترحَّموا عليه، ثم حفر له وصلّى عليه ودَفَنَه.

وفي رواية ابن سعد عن الواقديّ قال: فلما سمعت بَحرِيّة كلامَ معاوية قالت: أما أنت فقد عَجَّلْتَ يُتْمَ وَلَدِه، وذهابَ نَفْسه، ثم الخوف عليه لما بعد أعظم، فقال معاوية لعمرو: ألا تسمع ما تقول هذه؟ فقال له عمرو: إن لم تُغْضِ عما ترى كنتَ من نفسك في غَمّ، لقد قال الناس فيمن هو خيرٌ منك، فقال معاوية: هذا والله رأي الَّذي ورثتُه عن أبي.

وقال أبو اليقظان: قيل لأمير المؤمنين هذا عبيد الله بن عمر عليه جُبَّةُ خَزٍّ، وفي يده مِسواك، وهو يقول: سيعلم عليٌّ إذا التقينا غدًا. فقال علي: دعوه فإنما دَمُه دم عصفور.

وحكى ابن سعد عن الواقدي قال: مرّ الحسن بن علي في الليل على رجلٍ من هَمْدان، وعنده قتيلٌ قد شَدَّ مِقوَدَ فرسعه برجله، فقال: مَن هذا؟ قال: لا أدري، فنزل الحسن فتأمَّله، فإذا به عبيد الله بن عمر، فجاء فأخبر أميرَ المؤمنين، فنفَّله سَلَبه، وكان يساوي أربعة آلاف درهم.

واختلفوا في قاتله؛ فحكى ابن سعد عن الواقدي أنَّه قال: قد اختُلف علينا في قاتل عبيد الله بن عمر، فقيل: قتله عمار، وقيل: رجل من بني حَنيفة، وقيل: رجل من هَمْدان، وقيل: الأشتر النَّخَعي، وقيل: المرقال في آخرين.

وقيل: إن أمير المؤمنين قتله، فحكى المسعوديّ قال: ضربه أمير المؤمنين ضربةً بالسيف، فقطعت ما عليه من الحديد، وخالطت حُشْوَة جوفه فقتلته، وكان علي يقول: لئن فاتني الفاسق يومَ الهرمزان؛ فما فاتني يوم صفين.