للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخَلقِ، ما بين العَصرِ إلى اللَّيلِ" (١).

وقال ابن سعد بإسناده عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "النَّاسُ ولدُ آدَمَ، وآدَمُ مِن التُّرَاب" (٢).

واختلفوا فيمن جاء بالطِّين الذي خلق منه آدم على قولين:

أحدهما: إبليس، قاله ابن مسعود (٣) وابن عباس (٤)، قال: ولهذا قال: ﴿أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا﴾ [الإسراء: ٦١] ومعناه: أنا جئت به، فكيف أسجد له؟

والثاني: ملك الموت، فروى السُّدي، عن أشياخه قال: لما أراد الله أن يخلق آدم بعث جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها يخلق منه آدم، فجاء إليها فناشدته الله وقالت: أعوذُ بالله منك أنْ تنقصني وتشينني وتكونَ سببًا لإدخال جزءٍ مني إلى النار، فرقَّ لها جبريل واستحيى ورجع إلى الله وقال: إنها قالت كذا وكذا، واستعاذت بك فأعذتها، فبعث إليها إسرافيلَ، فاستعاذت منه فأَعاذها، فبعث إليها ميكائيلَ ففعلت كذلك، فبعث إليها ملكَ الموت فقالت له كذلك، واستعاذت بالله منه، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولا أنفِّذ أوامر ربي، فأخذ من وجهها تربة بيضاء وحمواء وسوداء، ولم يأخذ من مكان واحد بل من عذبها وملحها، فكل شيء أخذه من عذبها صار إلى الجنة، وإن كان ابن كافر، وكل شيء أخذه من ملحها صار إلى النار، وإن كان ابن مؤمن، فلما جاء ملك الموت بالطِّين إلى بين يدي ربِّ العالمين، وأخبره بما قالت، وبما قال لها، قال الله تعالى: وعزَّتي لأسلطنَّك عليها إذْ أطعتني وخالفتها (٥).

ولا يختلفون أنه خُلق يوم الجمعة، في آخر ساعة من ساعات النهار، سادس نَيسان، وقد ذكرناه.


(١) أخرجه مسلم (٢٧٨٩).
(٢) "الطبقات" ١/ ٢٥.
(٣) أخرجه ابن الجوزي في "المنتظم" ١/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٤) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٩٠ - ٩١، وانظر "المنتظم" ١/ ١٩٨.
(٥) أخرجه مختصرًا الطبري في "تاريخه" ١/ ٩٠ - ٩١، وفي "التفسير" ١/ ٢٠٣، وهو متلقى عن الإسرائيليات. وانظر عرائس المجالس ٢٧ - ٢٨ و"المنتظم" ١/ ١٩٨.