للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي دعاك إلى أن أفطرتَ قبل أميرك؟! قال: رأيتُ الهِلال، فقال سعيد: كيف رأيتَه بعين واحدة، والناس يرونه بعينين ولم يَرَوه؟! فقال له هاشم: سبَبْتَ (١) خيرَ عَينَيّ. فضربه سعيد حدًّا مئة جلدة.

فلما قُتل عثمان لحق هاشم بعلي فاستعمله على الكوفة، وكان سعيد بالكوفة، فضربه هاشم الحدّ مئةَ جلدة كما فعل به سعيد، وقال هاشم بن عتبة وسعيد يُضرَبُ بين يديه: [من البسيط]

صَبْرًا سعيدُ فإن الحُرَّ مُصْطَبِرٌ … ضَربٌ بضربٍ وتَسْحابٌ بتَسْحابِ

وقال الزبير بن بكار: أسلم عُتبة ومات مسلمًا، وأوصى إلى أخيه سعد، وعُتبة هو الَّذي كَسَر رَباعيَة رسول الله يوم أحد.

قال: وابنُه هاشم بن عُتبة كُنيته أبو عمرو، ويعرف بالمِرْقال، كان من الأبطال والفُضَلاء الأخيار، وهو الَّذي فتح جَلُولاء، وكانت تُسمَّى فتحَ الفتوح، بلغت غنائمها ثمانيةَ عشر ألف ألف، وأرسله عمر إلى عمّه سعد بن أبي وقاص يوم القادسية، فأبلى بلاءً حسنًا، وقام مَقامًا لم يَقُمه أحد، وكان سبب الفتح (٢).

والأصح أن هاشمًا أدرك اليومَ الرابع، وقد ذكرناه هناك.

قال: وحضر هاشم صفّين مع أمير المؤمنين، وكان على الخيل، وقيل: على الرَّجَّالة، فقاتل في اليوم الَّذي قُتل فيه عمار قِتالًا شديدًا، فقُطِعت رجلُه قبلَ أن يُقتل، فجعل يُقاتل على رجلٍ واحدةٍ ويقول:

الفَحلُ يَحمي شَوْلَه مَعْقولا

وقال أبو عبيد القاسم: كانت الرَّايةُ العُظمى بيده يوم صفين، فجعل عمار بن ياسر يتناوله بالرُّمْح ويقول: أقْدِم يا أعور، وكان في مقابله عمرو بن العاص، فقال عمرو: إني لأرى صاحبَ الرَّاية السَّوداء إن دام على هذا ليُفنِيَنّ العربَ اليوم.

وكان مع هاشم أربعة آلاف قد بايعوه على الموت، وحمل هاشم على أهل


(١) في أنساب الأشراف ٨/ ١١٩: سمَّيت.
(٢) التبيين ٢٨٩ - ٢٩٠.