للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلسطين، وكان فيهم محمد وعبد الله ابنا عمرو بن العاص، وثار العَجاج، فقال عمرو: ما هذه الغبرة؟ قيل: على ابنيك عبد الله ومحمد، فساق عمرو نحوهما، فقال له معاوية: لا تَنتقضُ صفوف أهل الشام، فقال عمرو: إنك لم تَلدهما، ورآه المِرقال فتركَ ابنيه وقصده، وأردفه معاوية بذي كَلاع في جيوش أهل الشام، فحمل المِرقال عليهم، فقتل هو وأصحابُه من أهل الشام أربعةَ آلاف، منهم ذو الكلاع، وعبيد الله بن عمر، وأعيان القوم، وحمل عليهم الحارث بن المنذر التَّنوخي فقطع رِجله، ثم جاءت الكتيبة الشَّهباء، فحمل عليهم وهو مَقطوع الرِّجْل، فقَتل منهم جماعة وقتلوه.

وقال الموفق: ولما بلغ عائشة قتلُه قالت: ذلك الَّذي لم تُرَدّ له راية قط (١).

ذكر أولاده: قال الواقدي: كان له عبد الرحمن، وعبد الله، وعبد الملك، وأمُّهم أميمة بنت عوف بن سَخبَرة من الأَزْد، وإسحاق وأمُّ الحكم، وأمُّهما أمُّ إسحاق بنت سعد بن أبي وقاص، وبَشير وأمُّه السَّيِّدة بنت قَيس بن حسان، من بني مَرْثد، وهاشم بن هاشم لأُمّ وَلَد (٢).

وقال الهيثم: لما قُتل هاشم يوم صفين أخذ الرَّاية ولَدُه عبدُ الله بن هاشم، فقاتل مليًّا، ثم أُسِر، فأُتي به معاوية، فقال له عمرو بن العاص: اقتُلْه، فأبى وحَبَسه، فقال عَمرو يُعاتِب معاوية: [من الطويل]

أمَرتُكَ أمرًا حازمًا فعَصَيتَني … وكان من التَّوفيقِ قَتلُ ابنِ هاشمِ

أليس أبوه يا ابنَ هِند الَّذي به … رَمانا عليٌّ عندَ حَزِّ الغَلاصِمِ

فهذا ابنُه والفَرْعُ يُشْبِهُ أصلَه … ويُوشِكُ أن تَقْرَع به سنَّ نادِمِ

فكتب عبد الله إلى معاوية فقال: [من الطويل]

مُعاويَ إن المرءَ عَمْرًا أبَتْ له … ضَغِينةُ صَدْرٍ وُدُّها غيرُ سالمِ

يَرى لك قَتلي مُسْتَحِلَّا وإنما … يَرى ما يرى عَمرٌو ملوكُ الأعاجمِ


(١) التبيين ٢٩٠. وانظر في ترجمة هاشم ومقتله: نسب قريش ٢٦٣، والطبري ٥/ ٤٢، والمعارف ٢٤١، والأخبار الطوال ١٨٣، وأنساب الأشراف ٢/ ٢٢١، ومروج الذهب ٤/ ٣٦١، والاستيعاب (٢٦٨٥)، والمنتظم ٥/ ١١٦، والسير ٣/ ٤٨٦، والإصابة ٣/ ٥٩٣.
(٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٧٤ - ٧٥.