للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دهاقين يقال له: زاذان فَرُّوخ (١) فقالوا: أمسلم أنت أم كافر؟ فقال: لا، بل مسلم، قالوا: فما تقول في علي؟ قال: هو أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وابن عم رسول ربِّ العالمين، فقالوا: كفرت يا عدوّ الله وقتلوه، وكان معه رجل من أهل الذِّمَّة فلم يتعرَّضوا له.

قال: وكتب علي إلى زياد بن خَصَفة يُخبره الخبر، ويأمُره بالمسير إليهم، وأن يَرُدَّهم، فإن أبَوا ناجِزْهم.

فسار خلفه إلى قرقيسيا ثم إلى المذار، وكان زياد بن خصفة، عبد الله بن وَال، وهو الَّذي قدم بكتاب علي على زياد بن خَصَفة.

قال عبد الله: ولما نزلنا قرقيسيا سألْنا عنهم فقيل: أخذوا نحو جَرْجَرايا، فتبعناهم (٢) حتَّى أدركناهم بالمَذَار، وقطعنا دجلة، فلما رأونا ركبوا خيولَهم، ووقفوا عليها، وتقدّم إلينا خِرّيت بن راشد وقال: يا عميان القلوب والأبصار، أمع الله أنتم ومع كتابه وسنّة رسوله أم مع الظالمين؛ فقال له زياد - وكان مُجَرّبًا رفيقًا: إن الَّذي جئنا له لا يُصلحه الكلامُ علانيةً على رؤوس أصحاب وأصحابك، ولكن أنزل [وتنزل] ثم نخلو جميعًا فنتذاكر أمرَنا وننظر، فإن رأيت ما جئنا به حقًّا فأقبله، وإلا فاردُدْه.

قال: فأنزل بنا على هذا النهر، قال: فنزلنا وتفرَّق أصحابنا عشرة وتسعة وأقل وأكثر، بعضهم يصنع طعامًا، وبعضهم يسقي، وقد علّقوا مخالي الدواب على رؤوسها، فلم انظر إليهم زياد قال: ويحكم ما هذا أنتم أصحاب حرب؟! والله لو جاءكم القوم على هذه الحال والغِرّة لبلغوا منكم ما أرادوا، قوموا إلى خيلكم فألْجِموها، والبسوا سلاحَكم حتَّى أدنو منهم، وأدعوهم إلى الطاعة، فإن أجابوا وإلا قاتلناهم، قال: ففعلوا ذلك.


(١) كذا، والذي في الطبري ٥/ ١١٧: متوجّهة نحو نفّر، وأن رجلًا من دهاقين أسفل الفرات قد صلَّى يقال له: زاذان فروخ.
(٢) كذا، وهو سياق مضطرب، والذي في الطبري ٥/ ١١٧ - ١١٨ أن عليًّا بعث بكتابه إلى زياد عبد الله بنَ وأل، فسار غير بعيد ثم عاد إلى أمير المؤمنين فقال: ألا أمضي مع زياد إذا دفعت إليه كتابك إلى عدوّك؟ ثم مضى، قال: ثم خرجنا حتى أتينا نِفَّر، فسألنا عنهم فقيل لنا: قد ارتفعوا نحو جرجرايا فاتبعناهم.