للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخر: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ [الرحمن: ١٤]، ومن ﴿حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٦]. و ﴿مِنْ تُرَابٍ﴾ [آل عمران: ٥٩] فكيف الجمع بين هذه الآيات؟

فالجواب: إن الألفاظ وإن اختلفت فالمعاني قد اتَّفقت، لأنه كان أوَّلًا ترابًا ثم صار حَمَأً، ثم جفَّ فصار صلصالًا، والصلصلة: الصوت، كان يُنقر فيطنُّ ويُسمع له صوت، اللَّازب: اللازق، والحمأ المسنون: المتغيِّر المنتن، والسلالة: القليل مما ينسل، وآدم استلّ من الأرضِ.

فإن قيلَ: فلمَ خصَّ التراب بخلقه؟ فالجواب: ليكمل به الاستقصَّات الأربع، فيجتمع فيه الطباع المختلفة. ولم يكن قبله خلق من التراب بل من النَّار والماء والريح. وذكر الحافظ أبو القاسم في "تاريخ دمشق" عن سعيد بن جبير قال: خلق الله آدم من دَحْنَا ومسح ظهره بنَعْمان السحاب (١).

وأخرج ابن سعد بمعناه عن ابن جبير، فذكر أرضًا يقال لها: دحنا، لا غير (٢).

وقد ذكرنا جبلي نعمان في باب الجبال.

وقال الحافظ أبو القاسم أيضًا: وفي حديث الحسن البصري أنه خلق جُؤجُؤه من نقا ضَرِيَّة (٣).

ومعناه: خلق صَدرهُ من رمل ضريَّة، وهي منزل بطريق مكَّة من ناحية البصرة واليمامة.

وكذا روى ابن سعد عن الحسن (٤).

والجؤجؤ: الصّدر. وقال الجوهري: ضريَّة قرية لبني كلاب على طريق البصرة، وهي إلى مكة أقرب (٥).

وذكر الحافظ أبو القاسم في "تاريخه" عن عليٍّ ﵇ قال: قال رسول الله


(١) تاريخ دمشق ٧/ ٢٨١.
(٢) "الطبقات" ١/ ٢٥ - ٢٦.
(٣) "تاريخ دمشق" ٧/ ٢٧٩.
(٤) "الطبقات الكبرى" ١/ ٢٦.
(٥) "الصحاح" (ضري).