للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج الأشتر من عند علي، فأتى رحلَه، وتهيّأ للخروج إلى مصر، وكتب عيون معاوية إليه بولاية الأشتر على مصر، فشقّ عليه، وعَظُم ذلك لديه، وقد كان طمع في مصر، وعلم أن الأشتر متى قَدِمها كان أشد عليه [من محمد بن أبي بكر].

فكتب معاوية إلى الخانسيار (١) -رجلٍ من أهل الخراج، وقيل: كان دِهقان القُلْزُم - يقول: إن الأشتر واصل إلى مصر قد وَليها، فإن أنت كفيتَني إياه لم آخذ منك خراجًا ما بَقيت، فاحتل لهلاكه بكلّ ما تقدر عليه.

فخرج الخانسيار حتَّى قدم القُلْزُم فأقام به، وخرج الأشتر من العراق يُريد مصر، فلما قدم القلزم استقبله الخانسيار وقال: انزل فأنا رجل من أهل الخراج، وقد أحضرتُ ما عندي، فنزل، فأتاه بطعامٍ وعلَف، وسقاه شَربة من عَسَل جعل فيها سُمًّا، فلما شربه مات.

وأقبل معاوية يقول لأهل الشام: إن عليًّا بعث الأشتر إلى مصر، فاسألوا الله أن يَكفيكموه، فكانوا كلّ يوم يدعون على الأشتر.

وبعث الخانسيار إلى معاوية، فأخبره بهلاك الأشتر، فقام فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد، فإنه قد كانت لابن أبي طالب يدان يمينان، فقُطعت إحداهما يوم صفّين -يعني عمار بن ياسر- وقُطعت الأخرى الآن، يعني الأشتر.

وفي رواية: وإن معاوية قال: وإن لله جنودًا من عسل (٢).

وقال ابن سعد: ولاه علي مصر، فخرج إليها، فلما كان بالعَرِيش شرب شَربةَ عسلٍ فمات، قال: وروى عن خالد بن الوليد أنَّه كان يضرب الناس على الصلاة بعد العصر (٣).

وقال ابن الكلبي عن أبيه: لما سار الأشتر إلى مصر أخذ على طريق الحجاز، فقدم المدينة، فجاءه مولى لعثمان بن عفان يقال له: نافع، فأظهر له الوُدّ وقال: أنا مولى


(١) في الطبري: الجايستار.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٥/ ٩٥ - ٩٦، وأنساب الأشراف ٢/ ٢٨٧، ومروج الذهب ٤/ ٤٢٢ - ٤٢٣.
(٣) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٣٢ - ٣٣٣.