للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكرنا الخلاف فيه.

فأما بُسْر بن سفيان، وبُسْر بن أبي بُسْر فليس لهذين رواية.

قلت: وقد أخرج أحمد في "المسند" (١) لبُسْر بن أرطاة حديثَين، فقال أحمد بإسناده عن جُنادة بن أبي أمية: أنَّه قال على المنبر برُوْدِس حين جلد الرَّجلَين اللذين سرقا غنائم الناس: إنه لا يمنعني من قَطعهما إلا أن بُسر بن أرطاة وَجَد رجلًا قد سرق من المَغْنَم، أو في الغزو، يُقال له: مِصْدَر، فجلده ولم يقطع يدَه، وقال: نهانا رسول الله عن القَطْعِ في الغزو.

وقال جدي : في إسناده ابنُ لَهِيعة، وابن لهيعة ذاهبُ الحديث (٢).

رجع الحديث إلى الأول، قال علماء السير: ولما بلغ أمير المؤمنين فعل بُسْر بالغلامين بكى بكاء شديدًا، وأرسل جارية بن قُدامة في ألفَين، ووهب بن مسعود في ألفين، فسار جارية بن قدامة حتَّى أتى نَجْران، فقتل بها جماعة من العُثمانية؛ ممّن ساعد بُسْرًا على الفساد، وهرب بُسْر وأصحابه، وجاريةُ خلقه، حتَّى أتى مكة والمدينة، وأبو هريرة يُصلّي بالناس في المدينة، فطلبه جارية فهرب منه، فقال: لو أدركتُ أبا سِنَّوْر لضربتُ عُنُقه.

ثم سار نحو أطراف الشام، فلقي جماعة من أصحاب بُسْر، فجمعهم وأحرقهم، ثم عاد إلى الكوفة.

ويقال: إن أمير المؤمنين استُشهد في غَيبة جارية؛ لأن أبا مخنف روى: أن جارية لما عاد من اليمن إلى مكة قال لأهلها: بايعوا، قالوا: لمن تُبايع، قد هلك أمير المؤمنين؟ قال: بايعوا للحسن، فبايعوهم وأهل المدينة.

وفيها جرت مُهادنة بين أمير المؤمنين ومعاوية؛ بعد مكاتبات جرت بينهما على أن يكون لأمير المؤمنين العراق، ولمعاوية الشام، ولا يدخل أحدهما في عمل الآخر بجيش ولا غارة ولا غزو.


(١) برقم (١٧٦٢٦).
(٢) في التحقيق ٢/ ٣٣٣: ابن لهيعة وإسماعيل بن عياش ضعيفان.