للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْسه؟ " قالوا: بل، قال: "فمَن كنتُ مولاه فإن عليًّا مَولاه، اللهمَّ عادِ من عاداه ووالِ مَن والاه" (١).

وروي أنه شهد له اثنا عشر من أهل بدر بذلك.

واتَّفق علماء السِّير على أنّ قصة الغَدير كانت بعد رجوع رسول الله من حجّة الوَداع، في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وكان مع رسول الله عشرون ومئة ألف، ممن كان يسكن مكة والمدينة وما حولهما وما بينهما من الأعراب، وقد ذكرنا هذا.

وقال أبو إسحاق الثعلبي (٢): ولما قال رسول الله : "مَن كنتُ مولاه فعليّ مَولاه" شاع ذلك في الأمصار، وطار في الأقطار، فبلغ الحارث بن النُّعمان الفِهريّ، فقدم المدينة، فأناخ راحلتَه عند باب المسجد، فدخل والنبي جالس وحوله أصحابُه، فجاء حتى جثا بين يديه، ثم قال: يا محمد، إنك أمرتَنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقبلنا ذلك منك، وإنك أمرتنا أن نُصلّي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان، ونُزكي أموالنَّا، ونحجَّ البيت، فقبلنا منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعتَ بضَبْعَي ابنِ عمك ففضَّلتَه وقلت: "من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه" فهذا شيءٌ من الله أو منك؟

فاحمرَّت عينا رسول الله وقال: "والله الذي لا إله إلا هو، إنه من الله وليس مني فقام الحارث وهو يقول: اللهمَّ إن كان هذا هو الحق من عندك، وفي رواية: اللهمَّ إن كان ما يقول محمد حقًّا فأنزل علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم.

قال: فو الله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحَجَر من السماء، فوقع على هامته، فخرج من دُبُره فمات، وأنزل الله تعالى ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) لِلْكَافِرِينَ لَيسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ الآية [المعارج: ١].

حديث في محبَّته:

قال أحمد في "المسند" (٣) بإسناده عن علي كرم الله وجهه قال: والله؛ إنه لمما عَهَد إليّ رسول الله أنه لا يُحبّني إلا مؤمن، ولا يُبغضني إلا مُنافق.


(١) مسند أحمد (١٩٣٢٥).
(٢) في تفسيره ١٠/ ٣٥.
(٣) مسند أحمد (٦٤٢).