للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمس لا يَجعلُها أداءً، وفي الصحيح عن النبي أنه قال: "لا تُحبس الشمس على أحدٍ إلا على يُوشَع بن نون" (١). هذا صورة كلام جدي.

قال: وكان صالح بن أحمد أو أحمد بن صالح يقول: لا ينبغي لمن يكون سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء؛ لأنه من علامات نبوّة نبينا ومعجزاته.

وقوله : "لم تُحبس الشمس على أحدٍ إلا على يوشع بن نون" فمعناه من بني إسرائيل؛ لأن هذه الأمة أفضل من بني إسرائيل، ثم لا يخلو حبسها على يوشع إما أن يكون مُعجزةً لموسى أو ليوشع، فإن كان لموسى فنبيُّنا أفضل منه، وإن كان لأجل يوشع فلا خلاف أن عليًّا أفضل من يُوشَع، قال : "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل" (٢).

فإن قيل: فإن حبسَها ورجوعَها مُشكل؛ لأنها لو حُبِست أو رُدِّت لاختلَّت الأفلاك، ولفَسد النظام، قلنا: حبسُها ورَدُّها من باب المعجزات أو الكرامات، ولا مجال للقياس في خَرْق العادات.

وفي الباب حكاية عجيبة جرت ببغداد، ينقلها من مشايخنا خلفٌ عن سلف، حكاها لي جماعة، منهم عبد الوهاب بن علي الصوفي، وعبد الرحمن بن أبي حامد بن عصية الحَربيّ، وعبد العزيز بن محمود البزاز، وجماعة آخرون قالوا: جلس أبو منصور المظفَّر بن أرْدَشِير العبَّادي الواعظ بالتَّاجية مدرسة بباب أبْرز بعد العصر، وذكر حديث: ردّ الشمس ثم شرع بعده في فضائل أهل البيت، فذكر منها بعضها ولم يتمّم، فنشأت سحابةٌ عظيمة، فعَظَّت الشمس، فظنّ الناس أنها قد غربت، فأرادوا أن يَتفرّقوا، فأشار إليهم أبو منصور من المنبر أن لا تتحرّكوا واثبُتوا، ثم أدار وجهه إلى ناحية المغرب، وارتجل في الحال وقال: [من الكامل]

لا تَغربي يا شمسُ حتى ينتهي … مَدحي لآل المصطفى ولنَجْلِهِ

واثْنِي عِنانَك إن أردْتِ ثَناءهم … أنسيتِ إذ كان الوقوفُ لأجْلِهِ


(١) أخرجه أحمد (٨٣١٥) من حديث أبي هريرة. وانظر الموضوعات ٢/ ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) نقل السخاوي في المقاصد الحسنة (٧٠٢) عن ابن حجر والدميري والزركشي قولهم: لا أصل له، ولا يعرف في كتاب معتبر.