للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن كان للمَولى وُقوفُكِ فليكن … هذا الوقوفُ لخَيلِهِ ولرَجْلِهِ

ويروى: لوُلْدِه ولنَسْلِه، قال: فطلعت الشمس، فلا يُحصى ما رُميَ عليه من الحلي والثياب (١).

ذكر زاهده وورعه ولباسه وتواضعه:

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب "الزهد" لأبيه بإسناده عن علي بن ربيعة، عن علي بن أبي طالب قال: جاءه ابن التيَّاح فقال: يا أمير المؤمنين، امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء، فقال علي: الله أكبر، وقام مُتوكِّئًا على ابن التيَّاح، حتى قام على بيت المال وقال: [من الرجز]

هذا جَنايَ وخياره فيهْ

وكلُّ جانٍ يَدُه إلى فيهْ

يا ابن التياح، علي بأشياع أهل الكوفة، فنودي في الناس، فأعطى جميع ما كان فيه، وهو يقول: يا صفراء، يا بيضاء، غُرِّي غيري، ها وها، حتى ما بقى فيه دينارٌ ولا درهم، ثم أمر بنَضْحه، وصلّى فيه ركعتين (٢).

وقال الواقدي: إنما صلّى في بيت المال ليَشهدَ له يوم القيامة أنه لم يَحبس ما كان فيه عن المسلمين، ولقد كانت الشاة تَيْعَر في بيت المال فيفرّقه (٣).

وحدثنا جدي ، حدثنا أبو بكر بن حبيب الصُّوفي بإسناده، عن أبي صالح قال: دخل ضرار بن ضَمْرة على معاوية، فقال له: صف لي عليًّا، قال: أوَتعفِيني؟ قال: لا أُعفيك، بل تصفه، فقال: أما إذ لا بُدّ منه؛ فإنه والله كان بعيد المدَى، شديد القُوى، يقول فصْلًا، ويحكم عَدّلًا، يَتفجَّر العلمُ من جوانبه، وتنطق الحِكمة من نواحيه، يستوحش من الدُّنيا وزَهرتها، ويَستأنس بالليل وظُلمته، كان والله غزير الدَّمعة، طويل الفِكرة، يُقلّب كَفَّه، ويخاطب نفسَه، يُعجبه من اللباس ما خَشُن، ومن


(١) نقله عن المصنف: الذهبي في تاريخ الإسلام ١١/ ٩١٩، والسير ٢٠/ ٢٣٢.
(٢) فضائل الصحابة لأحمد (٨٨٤)، ولم أقف عليه في الزهد، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ١/ ٨٠ - ٨١ من طريق أحمد، وانظر صفة الصفوة ١/ ٣١٤ - ٣١٥.
(٣) انظر فضائل الصحابة (٩١٤ - ٩١٥) و (٨٨٦).