للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغافقي قال: دخلت على علي بن أبي طالب يوم أضحى، فقَرَّب إلينا خزيرة (١)، فقلت: رحمك الله، لو قرَّبتَ إلينا من غير هذا، فإن الله قد أكثر الخير، فقال: يا ابن زُرَير، إني سمعت رسول الله يقول: "لا يَحلُّ للخليفة من هذا المال إلا قَصْعتان: قَصعَةٌ يأكلها هو وأهلُه، وقَصعةٌ يَضَعُها بين يدي الناس".

وفي رواية: "لا يحل للخليفة من مال الله … " وذكره.

وقال ابن أبي الدنيا بإسناده، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه قال: أُهدي إلى علي زِقاق من سَمْن وعسل، فرآها قد نَقصت، فسأل عنها فقيل: بعثت أم كلثوم فأخذَتْ منه، فبعث إلى المقَوِّمين فقوّموه خمسة دراهم، فبعث إلى أم كلثوم: ابعثي لي خمسة دراهم؛ فإنما هو من مال المسلمين (٢).

وقال ابن أبي الدنيا بروايته عن الكميل بن زياد قال: جاء إلى بيت المال زِقاق من عسل، فقال الحسن بن علي لقَنبر: قد نزل بي أضياف، فاذهب فائتِني من العسل بمقدار ما يُصيبني، وإذا قسمه أمير المؤمنين فخُذ منه بمقدار ما أخذت، ورُدَّه في بيت المال، ففعل قنبر، وجاء على إلى الزِّقاق فوجد ذلك الزقّ ناقصًا، فسأل قَنبر فخاف، فأخذ يَتعلّل عليه، فناشَده الله ليَصْدُقَنّه، فحدّثه الحديث فقال: عليَّ بالحسن، فجاء فوقع على قدميه وقال: بحقّ عمي جعفر - وكان علي إذا سُئل بحق جعفر سكن غضبه - فقال له: ما حَملك على ما صنعتَ قبل القِسمة؟ قال: أما لي فيه حق؟ قال: بلى، ولكن لم انتفعتَ به قبل المسلمين؟! لولا أنني رأيتُ رسول الله يُقَبّل ثناياك لأوجعتُك ضَرْبًا، قم فاشترِ عوضَه، فصُبَّه في الزّقّ، ففعل.

وقال عبد الله بن أحمد بإسناده عن مجاهد قال: قال علي جُعتُ مرةً بالمدينة جوعًا شديدًا، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا أنا بامرأةٍ قد جمعت مَدَرًا تُريد بَلَّه، فأتيتُها، فقاطعتُها على كل دَلْوٍ أو ذَنوب بتمرة، فمَدَدْتُ ستة عشر ذَنوبًا، حتى مَجِلت يداي، فأعطتني ست عشرة تمرة، فأتيت بها النبي ، فأكل منها (٣).


(١) لحم يقطع صغارًا، ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق.
(٢) صفة الصفوة ١/ ٣٢٠.
(٣) مسند أحمد (١١٣٥)، وفضائل الصحابة (١٢٢٩)، وصفة الصفوة ١/ ٣٢٠.