للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤتزرًا بإزار، مرتديًا آخر -أو برداء- ومعه الدّرة كأنه أعرابي يدور، حتى بلغ سوق الكَرابيس، فوقف على شيخ فقال: يا شيخ، أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم، فلما عرفه يَشترِ منه شيئًا، فأتى غلامًا حَدَثا، فاشترى منه قميصًا بثلاثة دراهم، ثم جاء أبو الغلام، فأخبره ابنه، فأخذ أبوه درهمًا، ثم جاء به، فوقف على أمير المؤمنين وقال: هذا الدرهم، فقال: ما شأنُه؟ فقال: كان ثمنُ القميص درهمين، فقال: باعني رِضاي، وأخذ رضاه.

وحدثنا جدي قال: حدثنا عبد الوهاب الأنماطي بإسناده، عن عمرو بن قيس: أن عليًّا رُئي عليه إزارٌ مَرقوع، فعُوتب في لبسه فقال: يقتدي بي المؤمن، ويخشع له القلب.

وقال أبو نعيم بإسناده عن علي بن الأقمر، عن أبيه قال: رأيت عليًّا يبيع سيفًا له في السوق ويقول: مَن يشتري مني هذا السيف، فوالذي فَلَق الحبَّة؛ لطالما كشَفْتُ به الكَرب عن وجه رسول الله ، ولو كأن عندي ثَمنُ إزار ما بَعتُه (١).

وحكى ابن الكلبي، عن الأحنف بن قيس قال: دخلت على معاوية، فقدَّم إلي من الحُلو والحامض شيئًا كثيرًا، ثم قدّم إلي لونًا لم أره ولم أعرفه، فقلت: ما هذا؟ فقال: مصارين البَطّ، محَشُوَّةٌ بالمخ، ودهان الفستق، وقد ذر عليه السكر، قال الأحنف: فبكيت وقلت: لله درُّ علي بن أبي طالب، لقد جاد بما لم يَسمحوا به، لقد دخلتُ إليه ليلة عند إفطاره، فقال لي: قم فتَعَشَّ مع الحسن والحسين، ثم قام إلى الصلاة فأطال، ثم انفتل من صلاته، فدعا بجِراب مختوم، ففكَّه وأخرج منه شعيرًا مطحونًا، ثم ختمه، فقلت: يا أمير المؤمنين لم أَعهدْك بخيلًا، فما هذا الختم على الشعير؟ فقال: والله ما أختمه بخلًا، ولكني خفتُ أن يَلُتَّه الحسن والحسين بسمن أو إهالة، فقلت: أحرام هو؟ قال: لا، ولكن على أئمة الحق أن يَتأسّوا بأضعف رعيَّتهم حالًا في الأكل واللباس، ولا يتميّزون عليهم بشيء فيزدادون تواضعًا (٢).

وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد الله بن هُبيرة الشيباني، عن عبد الله بن زُرَير (٣)


(١) حلية الأولياء ١/ ٨٣، وصفة الصفوة ١/ ٣١٨.
(٢) التذكرة الحمدونية (٩٥).
(٣) في (خ) و (ع): رزين، وهو خطأ، والتصويب من مسند أحمد (٥٧٨)، وفضائل الصحابة (١٢٤١).