ومن كلامه في الرقائق: قال أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن العلاء بن المسيب، عن عبد خير، عن علي ﵇ قال: قال لي: ليس الخير أن يَكثُر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، ويَعظم حِلمك، فلا خير في الدنيا إلا لأحد الرجلين: رجل أذنب ذنوبًا فهو يتدارك ذلك بتوبة، أو رجل يسارع في الخيرات، ولا يَقِلّ عمل في تقوى، وكيف يقل ما يُتقبّل.
وروى أبو نعيم أيضًا بإسناده إلى علي ﵇ قال: إن أخوف ما أخاف اتّباعُ الهوى، وطول الأمل، فأما اتّباع الهوى فيَصُدّ عن الحق، وأما طول الأمل فيُنسي الآخرة، ألا وإن الدنيا قد تَرَحَّلت مُدبِرة، ألا وإن الآخرة قد ترحّلت مُقبلة، ولكل واحد منهما بَنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حِساب ولا عمل.
وروى أبو نعيم أيضًا عن علي ﵇: أنه شَيَّع جنازة، فلما وُضعت في اللّحد ضجَّ أهلها، أو عَجّ أهلُها، وبَكَوا، فقال: وممّ يَبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين مَيّتهم لأذهلهم معاينتهم عنه، وإن له إليهم لعَودة ثم عودة، حتى لا يُبقي منهم أحدًا (١)، ثم قام وذكر موعظة بليغة طويلة.
وقال علي ﵇: أقلّ ما يَلومكم الله تعالى لا تستعينوا على معاصيه بنعمه.
قال: وقال: اتقوا الله في الخلوات؛ فإن الشاهد هو الحاكم.
قال: وقال: الزُّهد كلّه في كلمتين من القرآن ﴿لِكَيلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: ٢٣].
قال: والعجب ممن يدعو ويستبطئ الإجابة، وقد سدّ طُرُقَها بالمعاصي.
ومن كلامه في قوس قَزَح؛ حكى الحارث الأعور عنه قال -وكنية الحارث أبو