ويرى أن عمر ﵁ قال عند ذلك: أعوذ بالله من مُعضِلةٍ ليس لها أبو حسن.
وروى عكرمة، عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لولا علي هلك عمر.
قلت: وله سبب، أنبأنا جدي ﵀، حدثنا محمد بن عبد الملك بإسناده إلى حَنَش بن المُعتمر أن رجلين أتيا امرأةً، فاستودعاها مئة دينار وقالا: لا تدفعيها إلى واحد منا دون الآخر حتى نجتمع.
فلبثا حولًا، فجاء أحدهما إليها فقال: إن صاحبي قد مات، فادفعي إليَّ الدنانير، فقالت: إنكما قلتما كذا وكذا، فلستُ أدفعها إلا إليكما، فثقل عليها بأهلها وجيرانها، فدفعتها إليه، فلبثتْ حولًا، وجاء الآخر فقال: ادفعي إليّ الدنانير، فقالت: إن صاحبك جاء فزعم أنك مت، وثقل علي فدفعتها إليه.
فاختصما إلى عمر بن الخطاب، فأراد أن يَقضي عليها، فقالت المرأة: أنشدك الله إلا رفعتَنا إلى علي، فرفعهما إليه، فعلم أنهما قد مَكرا بها، فقال للرجل: ألستُما قلتُما لا تدفعيها إلا إلينا جميعًا؟ قال: بلى، قال: فإن مالك عندنا، فاذهب فأتِ بصاحبك حتى نَدفعها إليكما، فذهب ولم يعد (١).
ومن كلامه في صفة الأولياء: قال ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي أراكة قال: صليتُ مع علي ﵇ صلاةَ الفجر، فلما سلّم انفتل عن يمينه، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قِيدَ رُمح أو أو رُمحين، قلب يديه وقال: لقد رأيتُ أصحاب محمد ﷺ فما أرى اليوم شيئًا يُشبههم، لقد كانوا يُصبحون شُعثًا غُبْرًا صُفْرًا، بين أعينهم أمثال ركب المعْزى، قد باتوا لله سُجَّدًا وقيامًا، يتلون كتاب الله يُراوحون بين جِباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا عند ذكره كما يَميد الشجر في يوم ريح عاصف، وهملت أعينهم حتى تَبلَّ ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين.