للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعد (١): بعث الأشعث بن قيس ابنَه قيس بن الأشعث صَبيحةَ ضُرب أمير المؤمنين، [فقال:] يا بني، انظر كيف أصبح أمير المؤمنين، فذهب فنظر فرجع إليه فقال: رأيتُ عينيه داخلتين في رأسه، فقال الأشعث: عَينَي دَمِيغ وربِّ الكعبة.

ذكر وصية أمير المؤمنين:

قال علماء السير: دعا ولديه الحسن والحسين فأوصاهما، فكان مما أوصاهما به أن قال: أوصيكما بتقوى الله وطاعته، ولا تَبغِيا الدنيا وإن بَغَتكما، ولا تبكيا على شيءٍ زوي عنكما، وقولا الحق، وارحما اليتيم، وكونا للظالم خَصيمًا، وللمظلوم ناصرًا، واعمَلا بما في كتاب الله وسنَّة نبيه ، ولا تأخُذكما في الله لومةُ لائم. ثم قال لمحمد بن الحنفية وكان حاضرًا: هل حفظتَ ما أوصيتُ به أخَويك؟ قال: نعم، قال: فإني أوصيك بمثله، وأوصيك بتَوقير أخوَيك، وتعظيم حقّهما عليك، ولا تقطع دونَهما أمرًا.

ثم قال: أوصيكما به فإنه ابن أبيكما، وقد علمتما أن أباكما كان يُحبّه.

فلما حضرته الوفاة أوصى، فكانت وصيّته (٢):

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب، أوصى أنه يَشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله ﴿بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ الآية [التوبة: ٣٣] ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٦٢)﴾ الآية [الأنعام: ١٦٢] إلى قوله: "وأنا من المسلمين".

وأوصيك يا حسن وجميعَ ولدي وأهلي بتقوى الله ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ الآية [آل عمران: ١٠٢] فإني سمعت أبا القاسم يقول: "إن صلاح ذات البين أفضلُ من الصلاة والصوم"، وانظروا إلى ذوي الأرحام فصلوهم؛ يُهوِّن الله عليكم الحساب.


(١) في طبقاته ٣/ ٣٦.
(٢) ذكرها مع ما قبلها الطبري ٥/ ١٤٧ - ١٤٨.