ابنِ ملجم فصرعه، وألقوا عليه قَطيفة، وأخذوه إلى بين يدي أمير المؤمنين.
قال هشام: فلعنته أم كلثوم وقالت له: قتلتَ أمير المؤمنين؟! فقال: إنما قتلتُ أباك، والله لقد ضربتُه بسيفٍ اشتريتُه بألف، وسمَمْتُه بألف، ولو قُسمت هذه الضَّربة على أهل الأرض لأهلكتهم.
ودفع أمير المؤمنين بيده في ظهر جَعْدة بن هُبَيرة بن أبي وَهْب، فصلى بالناس الفجر، وحُمل علي ﵇ إلى القصر فقال: عليَّ بعدوّ الله، فأُدخل عليه فقال: يا عدوَّ الله، ألم أُحسن إليك -وكان قد أحسن إليه في العطاء- فما حَملك على هذا؟
فقال: شَحذتُه أربعين صباحًا، وسألتُ الله أن يَقتل به شرَّ خلقه، فقال علي: لا أراك مقتولًا إلا به، لأنك من شرار خلق الله، ثم أمر به إلى الحبس، فأُخرج والناس ليأكلون لحمه بأسنانهم؛ كأنهم سباع ضَارية، فسجنوه.
ثم قال علي ﵇ لولده: إن متُّ فاقتلوه كما قتلني، وإن عشتُ رأيتُ فيه رأيي.
وفي رواية محمد بن حنيف (١): أنه جيءَ بابن مُلْجم وهو مكتوف إلى بين يدي الحسن، فقالت له أم كلثوم وهي تبكي: يا عدوّ الله، لا بأس على أبي، والله مُخزيك، فقال: فعلى مَن تبكين، والله لقد اشتريتُ سيفي بألف، وسَمَمْتُه بألف، ولو كانت هذه الضَّربة بجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد.
فكانت أم كلثوم تبكي وتقول: مالي ولصلاة الفجر! قُتل فيها بَعْلي، وقُتل فيها أبي.
قال الواقدي: وأقبل الناس أرسالًا فقالوا: يا أمير المؤمنين، خلِّ بيننا وبين مُراد، فلا تقوم لهم قائمة بعد اليوم، فقال: لا، إنما القاتل واحد، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن فَقدناك - ولا نفقدك - نُبايع الحسن؟ فقال: ما آمركم ولا أنهاكم، افعلوا ما شئتم.