وسمعتُ قائلًا يقول: لا حُكمَ إلا لله، أو الحكمُ لله يا علي لا لك، ثم رأيتُ سيفًا ثانيًا فضربا جميعًا، فأما سيف ابن مُلجَم فأصاب جبهَته إلى قَرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شَبيب فوقع في الطَّاق فسمعتُ عليًّا يقول: لا يفوتَنّكم الرجل، وشدّ الناس عليهما من كل جانب، فأما شَبيب فأفلت، وأُخِذ ابنُ مُلْجَم فأدخل على علي ﵇، فقال: أطِيبوا طعامَه وألينوا فراشَه، فإن أعِشْ فأنا وليُّ دمي، عفوًا أو قصاصًا، وإن أمُتْ فألحقوه بي أخاصمه عند ربّ العالمين.
فقالت أم كلثوم بنت علي: يا عدوَّ الله، قتلتَ أمير المؤمنين؟! فقال ابن مُلجم: ما قتلتُ إلا أباك، قالت: فوالله إني لأرجو أن لا يكون على أبي أمير المؤمنين بأس.
قال: فلم تبكين إذًا، والله لقد سَمَمَتُه شهرًا -يعني سيفه- فإن أخْلَفَني فأبعده الله وأسْحَقَه.
هذا صورة كلام ابن سعد (١).
وأما مَن سمَّينا من العلماء فإنهم قالوا: كانوا ثلاثة: ابن مُلْجَم وشبيب ووَرْدان، من تيم الرباب، لما خرج أمير المؤمنين للصلاة وهم مُقابل السّدَّة؛ وثب عليه شبيب، فضربه بالسيف فوقع في عَضادة الباب، أوفي الطَّاق، وضربه ابن ملجم فأقر السيف فيه، وهرب وَرْدان فدخل منزله، فدخل عليه رجل من بني أبيه وهو يَنزع الحرير عن رأسه وصدره، فقال: ما هذا الحرير والسيف؟ فأخبره بما كان، فخرج الرجل وجاء بسيفه، فضرب به وَرْدان حتى قتله، وخرج شبيب نحو أبواب كِندة في الغَلَس، فلحقه رجل من حضرموت يقال له: عُوَيمر، فأخذ السيف من يد شبيب، وجَثَم عليه الحضرمي، فلما رأى الناسَ قد أقبلوا في طَلَبه، وسيف شَبيب بيده، خشي على نفسه فتركه، فنجا شَبيب في غِمار الناس.
وأما ابن مُلْجَم فشَدُّوا عليه فأخذوه، وضرب رجل من هَمْدان يُكنى أبا أَدْماء رِجلَ