وفي رواية: لقد جئت شيئًا إذا، كيف تقدر عليه؟ قال: نكمُن له في المسجد، فإذا خرج لصلاة الغداة شدَدُنا عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا نفوسَنا، وأخذنا ثأرَ إخواننا، وإن قُتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، فقال له: وَيحك، قد عرفتَ سابقةَ عليٍّ وبلاءه في الإسلام، ومن الذي يُساعدك على قتله؟
قال له: أليس قتل بالنهر عباد الله الصالحين، وإخواننا المؤمنين؟ قال: بلى. قال: فنقتله بمَن قتل منهم. فلم يزل به حتى أجابه.
وكانت قطام مُعتكفةً في المسجد الأعظم، فأخبروها فقالت: إذا أردتم ذلك فأتوني.
ثم جاء ابن ملجم وصاحباه في الليلة التي قُتل في صبيحتها علي ﵇ إلى المسجد، وقطام معتكفه فيه، فدعت بالحرير فعصذَبتهم به في صدورهم ورؤوسهم، وكانوا قد ألقوا إلى الأشعث بن قيس الكندي [يناجونه] في مسجده حتى كاد يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضحك الصبح، فقام ابن مُلْجم وشَبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مُقابل السّدَّة التي يخرج منها أمير المؤمنين.
قلت: وقد ثبت بهذه الرواية أن الأشعث بن قيس كان يرى رأي الخوارج، مضافًا إلى ارتداده.
قال ابن سعد: قال الحسن بن علي: أتيت أمير المؤمنين سُحَيرًا، فجلستُ إليه فقال: يا بني، إني بِتُّ الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيناي وأنا جالس، فسَنَح لي رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمّتك من الأَوَدِ واللّدَد، فقال لي: ادعُ الله عليهم، فقلت: اللهمَّ أبدِلْني بهم خيرًا منهم، وأبدلهم بي شرًّا مني.
ودخل ابن النبَّاح المؤذن على ذلك فقال: الصلاة، فأخذت بيده، فقام يمشي وابن النبَّاح بين يديه وأنا خلفه، فلما خرج من الباب نادى: أيّها الناس الصلاةَ الصلاةَ، كذلك كان يصنع في كلّ يوم، يخرج ومعه درّتُه يوقظ الناس.
قال: فاعترضه الرجلان، فقال بعضُ من حضر ذلك: فرأيتُ بريقَ السيف،