زار يومًا أصحابًا له من تَيم الرّباب، وكان أمير المؤمنين قد قتل منهم جماعة يوم النَّهروان، فرأى امرأةً منهم يقال لها: قَطام -وقد نسبها ابن سعد فقال: بنت شجنة بن عديّ بن عامر بن عوف بن ثَعلبة بن سعد بن ذُهل بن تيم الرّباب، وكان علي ﵇ قتل أباها وأخاها يوم النَّهْر، وكانت فائقة الجمال. وقد نسبها البَلاذري فقال: قطام بنت علقمة (١) من تيم الرباب- فلما رآها ابن مُلْجَم عَشِقها، وأخذت بمجامع قلبه، ونسي الحاجة التي قدم لأجلها فخطبها.
قال هشام بن الكلبي، عن أبيه قال: قالت له: لا أتزوَّجك إلا على حكمي، قال: احتكمي، قالت: ثلاثة آلاف درهم، ووَصيفًا ووصيفة وقينة، وقتل علي ﵇ فقال لها: لك جميع ما طلبت إلا ما كان من قتل علي، وما أراك ذكرتيه لي وأنت تريديني فكيف أصنع به؟ قالت: بلى، التمس عَثرتَه، فإن أصبتَه شفيتَ نفسي ونفسك، وأخذتَ بثأر الأحبة، ونفعك العيش معي، وإن أنت قُتلت فما عند الله خير وأبقى من الدنيا. فقال: والله ما أقدمني إلى هذا المِصر إلا قتلُ علي.
وعامة المؤرخين على أنه لم يَدخل بها؛ إلا ما رواه أبو اليقظان، فإنه قال: ودخل بها، فلما فرغ منها ازداد لها عشقًا، فقالت له: والله ما أُمكّنك من نفسي بعدها حتى تقتل عليًّا، وسأطلب لك مَن يُعينك على ذلك، فأرسلت إلى رجل من تَيم الرِّباب يقال له: وَرْدان بن مُجالد، فأخبرتْه الخبر، فأجابها إلى ذلك.
قال ابن سعد: ولقي ابن مُلجم رجلًا من أشجع يقال له: شَبيب بن بَجَرة، فأعلمه ما يُريد، ودعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك.
وفي رواية: أن ابن مُلجم أتى شبيبًا الأشجعي، فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذالك؟ قال: قتلُ علي، وكان الأشجعي يرى رأي الخوارج، فقال له: ثكلتْك أمُّك، لقد جئتَ شيئًا نُكرًا! وكيف نصل إليه؟
(١) في مطبوع أنساب الأشراف ٢/ ٣٤٨: قطام بنت شجنة، وفي نسخة الشاملة من الكتاب (قرص ليزري) كما هنا.