والثامن: أنه على النَّجف، في المكان المشهور اليوم، قال أبو اليقظان: كانوا قد خرجوا به في الليل من الكوفة، فأبعدوا خوفًا عليه، فدفنوه في هذا المكان، وأقام مدّة أيام بني أمية على حاله، فلما زالت أيامهم ووصل الأمر إلى بني العباس، ومضت مدة إلى زمان هارون الرشيد، فخرج يتصيَّد بنواحي الكوفة، فأرسل فهْدًا على ظبي، فطرده حتى انتهى به إلى مكان الضَّريح اليوم، فوقف الفَهد ولم يُقدم عليه، فعجب هارون، فنزل هنالك، واستدعى شيوخ الحيرة والكوفة، فسألهم عنه، فقال له شيخ كبير قد أتت عليه مئة سنة: هذا قبر ابن عمك علي بن أبي طالب، وقد أظهر الله لك هذه الآية، وهي وقوف الفهد عن الظبي، وأيضًا فقد كنت أجيء مع أبي إلى هذا المكان وأنا صغير، فيقول: يا بُنيّ هذا قبر أمير المؤمنين.
قال: وكان أبي يقول عن أبيه: إنه كان يزوره مع زين العابدين علي بن الحسين ﵇.
فأمر الرشيد ببناء القبة عليه والمشهد، وهو الباقي إلى الآن.
وقال أبو نعيم الأصفهاني: سمعت أبا بكر الطَّلحي، يذكر عن مطين: أنه كان ينكر أن يكون القبر الذي على النَّجفَ قبر علي ﵇، قال: ولو علم به زُوَّاره رَجُموه، وإنما هو قبر المغيرة بن شعبة.
قلت: وقد وهم أبو نعيم ومُطَيّن في هذا، فإن المغيرة بن شعبة مات بالكوفة في الطاعون، ودُفن بجانبها عند خبَّاب بن الأَرَتّ لما نذكر في ترجمته.
ذكر سن أمير المؤمنين:
واختلفوا فيه على أقوال: أحدها ثلاث وستون، مثل عمر رسول الله ﷺ، وقال ابن سعد بإسناده إلى ابن إسحاق (١) قال: توفي علي وهو ابن ثلاث وستين سنة.
وقال الواقدي: وهو الثبت عندنا، قال: وقال محمد بن عمر بإسناده عن عبد الله بن