للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتلتُم خيرَ مَن ركب المطايا … ورَحَّلَها ومَن ركبَ السَّفينا

ومن لَبس النِّعال ومَن حَذاها … ومن قرأ المَثَانيَ والمِئينا

إذا استقبلت وَجْهَ أبي حُسَينٍ … رأيتَ البَدْرَ راعَ النَّاظِرينا

لقد علمتْ قريشٌ حيث كانت … بأنَّك خيرَها حَسَبًا ودينا

وقال الهيثم: قال شاعر الخوارج عمران بنُ حِطَّان يرثي ابنَ مُلْجَم: [من البسيط]

يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها … إلا ليَبْلُغَ من ذي العَرْشِ رِضوانا

إني لأذكُرُه يومًا فأحْسِبُه .. أوفى البريَّةِ عند الله مِيزانا

أكرِمْ بقومٍ بُطونُ الأرضِ أَقْبُرُهُم … لم يَخلِطوا دينَهم بغيًا وعُدوانا (١)

ولما وقف أبو الطيّب الطَّبريّ على هذه الأبيات أجابه فقال: [من البسيط]

إني لأبرأُ مما أنت قائلُه … عن ابنِ مُلجم الملعون بُهتانا

إني لأذكُره يومًا فألعَنُه … [دِينًا] وألعنُ عِمرانًا وحِطَّانا

عليك ثم عليه الدَّهرَ مُتَّصِلًا … لعَائنُ اللهِ إشرارًا وإعْلانا

فأنتم من كلاب النَّارِ جاء به … نصُّ الشَّريعة بُرهانا وتِبيانا

يريد قوله : "الخوارج كلابُ أهل النار" (٢).

قلت: وهذا عمران بن حِطّان كان من شعراء الخوارج، عاش إلى أيام عبد الملك بن مروان، وبلغ قوله: يا ضربة من تقيٍّ عبد الملك، فنَذر دمَه، وأخذتْه الحميَّة، ووضع عليه العيون ليقتله، فهرب منه، وجعل يتقلَّب في الأمصار والبَراري، فلم يُجِرّه أحد، فأتى رَوْحَ بنّ زِنْباع -وكان خَصِيصًا بعبد الملك- فنزل عليه، وأقام في ضيافته أيامًا ولم يُعَرّفه نفسه، وكان عابدًا مُتَنَسِّكًا، فعارضه يومًا فرآه أديبًا، فأُعجب به رَوْح وقال: مَن أنت؟ قال: رجلٌ من الأزد، وأخبر


(١) الكامل للمبرد ١٠٨٥، والأغاني ١٨/ ١١١، ومروج الذهب ٤/ ٤٣٥، وتاريخ دمشق ١٢/ ٦٧١، والسير ٤/ ٢١٥.
(٢) أبيات عمران وردّ الطبري والحديث في الأذكياء لابن الجوزي ٢٤٦ - ٢٤٧، وأخرج الحديث أحمد في مسنده (١٩١٣٠) عن عبد الله بن أبي أوفى .