للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، إن جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ما ترك صَفراء ولا بيضاء إلا سبع مئة دِرهم فضلت من عطاياه؛ أراد أن يَشتري بها خادمًا.

وفي رواية ابن سعد أيضًا: ولقد قُبض في الليلة التي عُرج فيها بروح الله عيسى بن مريم، ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رمضان (١).

وروى الواقدي عن الحسن بن علي أنه قال: والله ما خَلّف أبي دينارًا ولا درهمًا، ولا بيضاء ولا صفراء؛ سوى سبع مئة درهم؛ أعدّها ليشتري بها خادمًا لأهله.

فإن قيل: فقد قال أحمد بن حنبل (٢) بإسناده عن محمد بن كعب القُرَظِيّ، عن علي أنه قال: لقد رأيتُني مع رسول الله وإني لأربط الحَجَر على بطني من الجوع، وإن صدقتي لتبلغ اليوم أربعين ألفًا أو لأربعون ألفًا، وهذا يدلُّ على أنه كان له مالٌ كثير.

فالجواب من وجوه: أحدها: أن أبا الحُسين بن فارس اللّغوي قال: سألتُ أبي عن هذا الحديث فقال: معناه أن الذي تصدَّقتُ به منذ كان لي مال إلى اليوم كذا وكذا (٣).

والثاني: أن معناه: كان لي مال فتصدَّقتُ به؛ وأنه كان يبلغ أربعين ألفًا. والثالث: أنه ليس في الحديث أن ما تصدق به وما خرج عنه، فيكون معناه: وإن صَدقتي لتبلغ اليوم أربعين ألفًا؛ ثم خرجتُ عن الجميع لما وَليت الخلافة، والدليل عليه قوله : يا بيضاء، يا صفراء، غرِّي غيري، وما ذكرنا من خُشونة لِباسه، وخُشونة مطعمه، واقتناعه باليسير من الدنيا.

* * *


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٧.
(٢) في مسنده (١٣٦٧).
(٣) نقله عن ابن فارس: المحبُّ الطبري في الرياض النضرة ١/ ٢٨٤.