للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُدخِلُكَ إليها؟ قال: وما يضرُّكِ فإني مطرود عنها حيث لم أسجد لآدم، فأدخلِيني لأسجد له لعلَّ الله أن يرضى عنِّي. ففتحت فاها فوثب فقعد على نابٍ من أنيابها. ومرَّت به على الخَزَنة فأنساهم العلم السَّابق والقَدَر المحتوم أن يفتقدوا ناب الحيَّة، فدخلت به. وكان آدم لما رأى نعيم الجنة قال: لو أنَّ لنا خُلدًا، فأتاه من قبل الخلد، فجاء فوقف بين يدي آدم وحواء، وهما لا يعلمان أنه إبليس، فناح عليهما نياحةً أحزنتهما وبكى، وهو أوَّل من ناح، فقالا له: ما الذي بك وما يبكيك؟ فقال: أبكي عليكما، تموتان وتفارقان هذا النَّعيم. فوقع ذلك في نفوسهما واغتمَّا، ومضى عنهما، ثم جاءهما بعد ذلك فقال: يا آدم: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠] فقال: إنَّ ربي نهاني عنها، ﴿وَقَاسَمَهُمَا﴾ أي: حلف لهما ﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١] فاغترَّا (١).

قال ابن عباس: ما ظنَّ آدم أنَّ أحدًا يحلف بالله ويكذب. فبادرت حواء إلى الأكل من الشجرة، ثم ناولت آدم فأكل منها.

وقال مقاتل بن سليمان: قال لهما إبليس: ما نهاكما ربُّكما عن هذه الشجرة إلا حسدًا لكما، لأنه علم أنكما متى أكلتما منها علمتما الغيب، وزاحمتماه في ملكه وغيبه.

وقال مجاهد: حلف لهما سبعين يمينًا، فذلك قوله تعالى: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: ٢١].

وقال مقاتل: فأخذت حوَّاء من الشجرة خمس حبَّات، فأكلت اثنتين وأخفت ثلاثًا، قال: فلذلك صار النساء يسرقن. وفي رواية عنه: أنها أخذت سبع حبَّات، فدفعت إلى آدم حبَّتين، وقالت: إنما أخذت واحدة، فلذلك صار للذكر مثل حظ الأنثيين.

وقال مقاتل أيضًا: تقدَّمت إلى الشجرة فأكلت منها ثم قالت: يا آدم، قد أكلت فلم تضرَّني، فتقدَّم فأكل منها.


(١) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ١١٠ - ١١١، و"عرائس المجالس" ص ٣١.