للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رحل الحسنُ عن الكوفةِ في عاشر جُمادى الأُولى في هذه السنةِ بإخوتهِ وبني عمِّه وحَشمِه وخَدَمِه وأَثقالِه، وخرج أَهلُ الكوفة يبكون ويتألَّمون لفراقه، وكان يومًا مشهودًا.

وقال البلاذريُّ (١): وشيَّعه معاويةُ إلى قنطرة الحيرة.

وقال الطبري (٢): تلقّاه ناسٌ بالقادسية فقالوا: يا مُذِلَّ العرب.

وقال الخطيبُ في "تاريخه" بإِسناده إِلى أَبِي الغريف قال (٣): كُنَّا على مقدِّمة الحسن بن علي في اثني عشر أَلفًا بمَسْكِن مستميتين من الجدِّ على قتالِ أَهلِ الشام، وعلينا أَبو العَمرَّطة (٤)، فلما جاءَنا صلحُ الحسن؛ كأَنَّما كُسِرت ظهورُنا من الغيظ، فلما قَدِمَ الحسنُ الكوفةَ؛ قال له رجلٌ منَّا يقال له: أبو عامر بن الليل (٥): السلام عليك يا مُذِلَّ العربِ -أو: المؤمنين (٦) - فقال له: لا تَقُل ذلك يا أبا عامر، لستُ بِمُذِلِّ المؤمنين، ولكني كرِهتُ أن أقتلهم على المُلك.

وقال أبو اليقظان: لَمَّا نزلَ الثعلبية؛ جاءه قومٌ فقالوا: يا مُذِلَّ بني هاشم، يا مُسَوِّدَ وجوه المؤمنين (٧) وهو يبكي، وإخوته وأَهلُه يبكون.

وقال شام بن محمد عن أبيه: ولَمَّا رجع معاويةُ من وداعِ الحسن، أَمَرَ معاويةَ بن حُدَيج (٨) أَن يجمع أَشرافَ أهل الكوفة، فجمعهم، فقال لهم معاوية: بايعوني على


(١) في "أنساب الأشراف" ٢/ ٣٨٩.
(٢) في "تاريخه" ٥/ ١٦٥.
(٣) تاريخ بغداد ١٢/ ٦. وأخرجه ابن الجوزي في "المنتظم" ٥/ ١٨٤ من طريق الخطيب وينظر المستدرك" ٣/ ١٧٥.
(٤) هو عمير بن يزيد الكندي. ينظر "جمهرة أنساب العرب" ص ٤٢٧.
(٥) هو سفيان بن الليل. وتحرفت لفظة "الليل" في (خ) و (م) إلى البلبل.
(٦) في (م): يا مذلّ المؤمنين.
(٧) في (م): المؤمنات.
(٨) في حاشية (خ) ما نصُّه: وهذا معاوية بن حُديج المذكور هو الذي قتل محمد بن أبي بكر الصديق بمصر، وفعل به ما فعل كما تقدم في ترجمته . قاله كاتبه. وبنحوه جاء في حاشية (م) بعد بضعة أسطر.