للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكان عمر بن الخطاب إذا استضعفَ رجلًا في رأيه قال: أَشهدُ أَنَّ خالقَك وخالقَ عمرو بنِ العاص واحدٌ. يريدُ أنَّه خالقُ الأضداد (١).

وقال أبو اليقظان: كان عمرو يومَ بدر وأُحد والخندق والحديبية مع الكفار على رسولِ الله ، وحضرَ اليرموكَ وأجنادين وفِحْلَ (٢)، وحصار دمشق، وفَتحَ بَرْقَةَ (٣)، وطرابلس المغرب.

وولَّاه عمر بعضَ الشام ومصر، وأَقرَّه عثمان أَوَّلَ خلافته، ثم عزله عن مصر، وولَّى عبدَ الله بنَ سعد بن أبي سَرْح على مصر وإفريقية، فقَدِم عمرو المدينةَ، فكان يُؤلِّبُ على عثمان حتى الرُّعاة في رؤوس الجبال إلى أَن قُتل عثمان، فأَظهر التَّشفِّي به، ثم وافق معاويةَ. وقد ذكرنا جميع ذلك.

وقال ابن سعد (٤) بإسناده عن موسى بن عُلَيِّ بن رَباح اللخمي عن أبيه قال: سمعتُ عمرًا يقول: قال لي رسولُ الله : "يا عمرو، اشْدُدْ عليك ثيابك وسلاحك وائتني". قال: ففعلتُ وجئتُه، فقال: "إني أُريدُ أن أبعثَكَ وَجْهًا يسلِّمُك الله ويُغنِّمك، وأَزْعَبُ لك من المالِ زَعْبَةً صالحةً". [قال: قلت:] إنَّما أسلمتُ رغبةً في الجهاد والكينونة معك، فقال: "يا عَمرو نِعِمَّا بالمالِ الصالح للمرءِ الصالح". وأخرجه أحمد في "المسند" بمعناه (٥).

والزَّعبَةُ من المال؛ بزاي معجمة: الدُّفْعَة. وكذا الزُّعْبَة بالضَّم.


(١) التبيين في أنساب القرشيين ص ٤٦٢ - ٤٦٣، والعقد الثمين ٦/ ٤٠٣.
(٢) أجنادين (بلفظ التثنية أو الجمع): موضع بالشام من نواحي فلسطين. وفِحْل: اسم موضع بالشام؛ قال ياقوت: يوم فِحْل مذكور في الفتوح، وأظنه أعجميًّا لم أره في كلام العرب، قُتل فيه ثمانون ألفًا من الروم، وكان بعد فتح دمشق في عام واحد. معجم البلدان ١/ ١٠٣، و ٤/ ٢٣٧.
(٣) بَرْقَة: اسم صقع كبير يشتمل على مدن وقرى بين الإسكندرية وإفريقيا، واسم مدينتها انطابلس، وتفسيره: الخمس مدن. معجم البلدان ١/ ٣٨٨.
(٤) في "طبقاته" ٥/ ٥٣ - ٥٤.
(٥) برقم (١٧٨٠٢).