للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعد بإسناده عن الحسن (١) قال: قال عمرو عند الموت: اللهم لا بريءٌ فأعتذر، ولا عزيزٌ فأَنتصر، وإن لم تُدرِكْني منك برحمة أكُنْ من الهالكين (٢).

وفي رواية: ولكن لا إله إلا أنت. فما زال يقولُها حتى مات.

وقال ابن سعد (٣): حدَّثنا عُبيد الله بن موسى بإسناده عن أَبِي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن عمرو أن أباه أوصاه أن يغسله بالماء ثلاثًا، ويجعل في الآخِرةِ كافورًا.

وذكر قوله: اللهم إنك أَمرتنا فتركنا، ونهيتَنا فأضعنا.

وروى ابن سعد (٤) عن هشام بن محمد الكلبيّ، عن عَوانة بن الحَكَم قال: كان عَمْرو بن العاص يقول: عجبًا لمن نزل به الموتُ وعَقْلُه معه كيف لا يَصِفُه؟ [فلما نزل به قال له ابنه عبد الله بن عمرو: يا أَبتِ، إِنَّك كنتَ تقول: عجبًا لمن نزل به الموتُ وعقلُه معه كيف لا يَصِفُه]، فصِفْ لنا الموتَ وعقلُك معك. فقال: يا بُنيّ، الموتُ أَجلُّ من أَن يُوصَفَ، ولكني سأَصفُ لك منه شيئًا، أَجدُني كأنَّ على عُنُقي جبال رَضْوَى، وأَجِدُني كأَنَ في جوفِي شوك السَّعْدان (٥)، وأجدني كأَنَّ نَفَسي يخرج من ثقب إبرة.

وفي روايةٍ: يا أَبَة، إنك كُنْتَ تقول: ليتني أَلقى رجلًا عاقلًا عند الموتِ يُخبرني عنه، وأنت ذاك، فأَخْبِرْنا، فقال: كأنَّ في جوفي حَسَكَ السَّعْدان، وكأني أتنفَّسُ من سَمِّ إبْرَة، وكأنَّ غُصْنَ شوكٍ يُجَزُ به من هامتي إلى قَدمي (٦).

وقال هشام: قال عبد الرحمن بن شِماسة المصري: دخلتُ عليه أعوده في مرض موته فقلتُ: كيف تجدُك أَبا عبد الله؟ فقال: أجدني أفسدتُ ديني بدنياي، ثم بكى


(١) الطبقات الكبرى ٥/ ٨٠.
(٢) من قوله: قلت: وقد أخرج مسلم بمعناه .... إلى هذا الموضع، ليس في (م).
(٣) الطبقات ٥/ ٨١.
(٤) المصدر السابق، وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٥) في "الطبقات": شوك السُّلاء، وهما هنا بمعنى، ويعني شوك النخل، وينظر "تاريخ دمشق" ٥٥/ ٢٥٩.
(٦) تاريخ دمشق ٥٥/ ٢٦٠.