للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يذكر الطبريّ في "تاريخه" من ولَّى معاويةُ البصرةَ بعد ابن عامر في هذه السنة، وإنَّما ذكر في أوَّلِ سنة خمس وأربعين وقال: استعمل معاويةُ على البصرة الحارثَ بن عبد الله الأزديّ، فأقام أَربعةَ أشهرٍ، ثم عزله.

قال: وقد قيل: هو الحارث بن عمرو، وكان من أهل الشام.

هذا صورةُ ما ذكره الطبري في أول سنة خمس وأربعين (١).

قال: وولى الحارثُ شُرطته عبد الله بنَ عَمْرو بن غيلان الثقفيَّ.

قلت: والأصحُّ أنه ولَّى الحارث، وقد اختلفوا فيه، فقيل: الحارث بن عبد الله الأزديّ، وقيل: الحارث بن وَهْب، وقيل: الحارث بن خالد الأزديّ الدَّوْسيّ، له صحبةٌ ورواية، شهد اليرموك، ونزل فلسطين، وقدم الحارث مع أبيه على رسول الله صلى الله عليه في وفد دَوْس، وذكره البخاريُّ في الصحابة، وذكره خليفة وابنُ سعد في الطبقةِ الأُولى من أهلِ الشام (٢).

وذكره ابن عساكر (٣) وقال: روى عن خالد بن الوليد، وشهد مع معاوية صِفّين على رَجَّالة فلسطين، ولما ولَّاه معاويةُ البصرةَ أَقامَ أربعةَ أَشهر، فشكاه أَهلُها إلى معاوية، فكتب إليه يستعفي، فأعفاه وولَّى زيادًا.

وفي هذه السنة استلحقَ معاوية نسب زيادٍ بأبيه أبي سفيان، واختلفوا فيه:

فحكى الطبريُّ (٤) عن عُمر بن شَبَّة أنه حدَّثه قال: زعموا أنَّ رجلًا من عبد القيس كان مع زيادٍ لَمَّا وفد على معاوية، فقال الرجل لزياد، إنَّ لابنِ عامر عندي يدًا، فإِنْ أَذِنْتَ لي أَتيتُه. فقال زياد: على أن تُحَدِّثَني بما يجري بينك وبينه. قال: نعم. فأتَى ابنَ عامرٍ فقال له: هيه هيه! وابن سميَّة يقبِّح آثاري وَيعرِضُ لعُمَّالي، لقد هممتُ أن آتيَ بقَسامةٍ من قريشٍ يحلفون أن أبا سفيان لم يَرَ سُمَيَّةَ.


(١) المصدر السابق ٥/ ٢١٦.
(٢) تاريخ خليفة ص ٢٠٧ وفيه: الحارث بن عمرو الأزدي، وطبقات خليفة ص ٣٠٧، وفيه: الحارث بن عُبيد الزبيدي، وطبقات ابن سعد ٩/ ٤٤٩ وفيه: الحارث بن عَبْد الأزدي، ولم يذكر في ترجمته سوى قوله: "صاحب معاذ، له أحاديث". والله أعلم.
(٣) في "تاريخ دمشق " ٤/ ١١٤ (مصورة دار البشير).
(٤) في "تاريخه" ٥/ ٢١٤.