للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم: ولَمّا فعل معاويةُ ذلك ذمَّه الناسُ، وعابوا عليه، وسقط من أعينهم، وزالت حُرمته وهيبتُه.

وقال جدِّي في "التلقيح" (١): كان الحسنُ البصريُّ يذمُّ معاوية ويقول: استلحق زيادًا؛ وقد قال رسولُ الله : "الولد للفراش" الحديث.

وقال أبو اليقظان عن الحسن البصريّ أنَّه كان يقولُ: أَوَّلُ ذُلِّ دخل على الإسلام ادّعاءُ معاويةَ زيادًا، وقد كانت في معاويةَ هَناتٌ أَوَّلها هذه، وما جرَّأ ابنَ زياد على قتل (٢) الحسين إلا ذلك (٣).

قلت: وقد أَكثر الشعراءُ في هذا المعنى، فذكر الأصمعيُّ أنَّ عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص أخا مروان بن الحكم قال:

أَلا أَبْلِغْ معاويةَ بنَ حربٍ … مُغَلْغَلَةً من القومِ الهجانِ

أَتغضبُ أن يُقال أبوك عَفٌّ … وترضى أن يُقال أبوك زانِ

وأشهدُ أن رِحْمَكَ من زيادٍ … كَرِحْمِ الفيلِ من ولدِ الأتانِ

وأشهدُ أنها ولَدَتْ زيادًا … وصخرٌ من سُمَيَّة غيرُ دانِ

وبلغ معاويةَ فغضب، وحلف أن لا يرضى عن عبد الرحمن حتى يرضى عنه زياد، فخرج عبد الرحمن إلى زياد، فقال له: أنت القائل، الأبيات، فقال: [لا]، ولكني قلتُ:

حلفتُ بربِّ مكَّةَ والمُصلَّى … وبالتوراةِ أحلفُ والقُرانِ

لأَنتَ زيادٌ في آل حربٍ … أَحبُّ إليَّ من وُسْطَى بَناني

سُرِرْتُ بقُرْبِه وفرحتُ لَمَّا … أتاني الله منه بالبيانِ

وقلتُ أتى أَخو ثقةٍ وعمٌّ … بعونِ الله في هذا الزمانِ


(١) لم أقف عليه في "التلقيح". وقاله في "المنتظم" ٥/ ٢١٠، وينظر كلام الحسن البصري بتمامه في "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٧٩.
(٢) في (خ): وما جرى لابن زياد في قتل، والمثبت من (م).
(٣) ينظر "الكامل" ٣/ ٤٨٧.