للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وقد اختلفوا في اسم مكلِّم الذئب، فقال هشام: اسمه أُهبان بن الأكوع.

وحكى ابن سعد عن الواقديّ (١) قال: مكلِّمُ الذئب اسمُه اهْبان بن أَوس الأسلميّ، وكان يسكنُ يَيْنَ (٢)، وهي بلادُ أسلم، فبينما هو يرعى غنمًا، بحَرَّة الوَبَرَة (٣)؛ فعدا الذئبُ على شاةٍ منها، فأخذَها منه، فَتَنَحَّى الذئب، وأقعى على ذَنَبِه وقال: ويحك، لِمَ تمنعُ مني رزقًا رزقَنيه الله؟! فجعل أُهْبانُ يُصَفِّقُ بيديه ويقول: تاللهِ ما رأَيتُ أَعجبَ من هذا، فقال الذئبُ: إنَّ أعجبَ من هذا رسولُ الله ﷺ بين هذه النخلات، وأَومأَ إلى المدينة، فحدر أُهبانُ غنمه إلى المدينة، وأتى رسولَ الله ﷺ فحدَّثَه الحديث، فعجب لذلك، وأمره إذا صلَّى العصرَ أن يُحدِّثَ به أصحابَه، ففعل، فقال رسولُ الله ﷺ: "صَدَقَ في آيات تكون قبل الساعة" (٤).

قال: وأسلم أُهْبان، وصحبَ رسولَ الله ﷺ، وكان يُكنى أبا عُقبة، ثم نزل الكوفةَ، وابتنى بها دارًا في أسلمَ، وتوفي بها في خلافة معاوية بن أبي سفيان وولاية المغيرة بن شعبة.

هذا صورة ما حكى ابن سعد عن الواقديّ.

وحكى ابنُ سعد أيضًا عن عبد الله بن محمد بن الأشعث أنَّه قال: أنا أعلمُ بهذا من غيري، مُكَلّمُ الذئب اهبان بن عِياذ (٥) بن ربيعة بن كعب بن أمية بن يقظة بن خُزَيمة بن سَلامان بن أسلم بن أفصى.


(١) الطبقات ٥/ ٢١٤.
(٢) يَيْن: ناحية من أعراض المدينة، على بريد منها، وهي منازل أسلم بن خزاعة. وقيل: "يَيْن" موضع على ثلاث ليال من الحيرة، وقيل: "يَيْن" في بلاد خزاعة. معجم البلدان ٥/ ٤٥٤.
(٣) بثلاث فتحات، وقد تسكّن الباء؛ على ثلاثة أميال من المدينة. معجم البلدان ٢/ ٢٥٠.
(٤) الخبر في "طبقات" ابن سعد ٥/ ٢١٤، من قول الواقدي، وهو متروك، لكن في الباب في هذا المعنى عن أبي هريرة عند أحمد (٨٩٦٣)، والبخاري (٢٣٢٤)، ومسلم (٢٣٨٨).
(٥) في (خ) (والكلام منها) و"الطبقات" ٥/ ٢١٤: عبَّاد، والمثبت من "أسد الغابة" ١/ ١٦٣. وينظر "توضيح المشتبه" ٦/ ٧٣ - ٧٤.