للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن أبي الدنيا (١) قال: قال رجل من أهل الشام: قَدِمْتُ المدينةَ فرأَيتُ رجلًا بهرَني جَمالُه، فقُلْتُ: من هذا؟ قالوا: الحسنُ، فحَسَدْتُ - واللهِ - أباه أن يكونَ له ابنٌ مِثْلُه، قال: فأتيتُه فقلتُ: أنتَ ابنُ أبي طالب؟ فقال: نعم، فنِلتُ منه ومن أبيه، فلم يردَّ عليَّ شيئًا، وقال: أراك غريبًا، فلو استحملتَنا لحملناك، ولو استرفدتَنا لرفدناكَ، ولو استعَنْتَ بنا لأَعنَّاكَ. قال: فانصرفتُ وما في الأرض أحدٌ أَحبَّ إليَّ منه.

وقال المبرِّد (٢): قيل للحسنِ: إنَّ أبا ذَرٍّ كان يقول: الفَقْرُ أحبُّ إليَّ من الغِنَى، والسُّقْم أحبُّ إليَّ من الصحةِ، فقال: يرحم الله أبا ذَرّ، أمَّا أنا فإني أقولُ: من اتَّكَل على حُسْنِ اختيارِ الله لم يتمَنَّ أنه في غيرِ الحالةِ التي اختار الله له.

وقال ابن سعد: كان الحسنُ والحسينُ يتختَّمانِ في اليسارِ ويخضبان بالسَّوادِ. وقد روى ابنُ سعدٍ عِدَّة رواياتٍ أنَّهما كانا يخضبان بالسَّواد (٣).

ذِكْرُ بعضِ واقعاته مع معاوية بن أبي سفيان:

حكى الهيثم عن الأصمعيِّ قال: قال معاويةُ يومًا في مَجْلسِه: إذا لم يكن [الهاشمي سخيًّا لم يُشْبِهْ حَسَبَه، وإذا لم يكن] الزُّبيريّ شُجاعًا لم يُشْبِهْ حَسَبَهُ، وإذا لم يكن المخزومي تائهًا لم يُشْبِهْ حَسَبَه، وإذا لم يكن الأمويُّ حليمًا لم يُشْبِهْ حَسَبَه. وبلغ الحسنَ فقال: واللهِ ما قصدَ إلا أن يُغْرِيَ بني هاشم بالسخاء، فيحتاجون (٤) إليه، ويُغريَ بني الزبير بالشجاعة، فيَفْنَوْن (٥) بالقَتْل، ويُغري بني مخزوم بالتِّيه، فيمقتهم الناس، ويُغريَ بني أُمية بالحِلْمِ، فيُحبّهم الناس.

وقال ابن سعد: كان الحسنُ والحسينُ يَقْدمان على معاويةَ ويأخذان جوائزَهُ.


(١) أخرجه من طريقه ابن عساكر في "تاريخه" ٤/ ٥٢٧. (مصورة دار البشير).
(٢) أخرجه من طريقه ابن عساكر في "تاريخه" ٤/ ٥٣٠.
(٣) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٧٨ - ٧٩٣.
(٤) كذا في (خ) (والكلام منها) والجادة: فيحتاجوا. وفي "تاريخ دمشق" ٤/ ٢٣٣ (والخبر فيه): فيُفْنُوا أموالهم ويحتاجون إليه. وما سلف بين حاصرتين منه، ولم يرد الخبر في (م).
(٥) كذا في (خ). والجادة: فيَفْنَوا.