للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّه لَبَيْتِي، أعطانيه رسولُ الله في حياتِه، وما دُفِنَ فيه عُمَرُ وهو خليفة إلا بأمري، وما أثرُ علي بن أبي طالب عندنا بحَسَن (١).

وقال ابن سعد بإسناده عن محرر بن جعفر، عن أبيه قال (٢): سمعتُ أبا هريرة يقولُ يومَ دُفِنَ الحسنُ بن علي: قاتلَ الله مروانَ؛ قال: واللهِ ما كنتُ لِأَدعَ ابنَ أبي تراب يُدفنُ مع رسول الله ، وقد دُفِنَ عثمان بالبقيع. فقلتُ: يا مروان: اتَّق الله ولا تَقُل لعليٍّ إلا خيرًا، فأشهدُ لقد سمعتُ رسولَ اللهِ يقول يوم خيبر: "لَأُعطينَّ الرايةَ رجلًا يُحبُّه الله ورسولُه" الحديث، وأشهدُ على رسول الله أنه قال في حقّ الحسن: "اللهمَّ إني أُحبُّه فأَحِبَّه، وأَحبَّ من يُحِبُّه". فقال مروان: واللهِ إنك قد أكثرتَ عن رسول الله فلا نسمع منك ما تقولُ، فهلمَّ غيرك يوافِقُك على ما تقول: فقلتُ: هذا أبو سعيد الخُدريُّ، فقال مروان: لقد ضاع حديثُ رسولِ الله حيث لا يرويه إلا أَنْتَ وأبو سعيد! أما أبو سعيد فقد كان غُلامًا يومَ مات رسولُ الله ، وأما أنْتَ فإنَّما جئتَ من جبالِ دَوْس قبل وفاة رسول الله بيسير.

وفي رواية ابن سعد أيضًا عن الواقديِّ: فقال أبو هريرة لمروان يومئذ: ما أَنْتَ والٍ، وإنَّ الوالي (٣) لَغَيرُك، فَدَعْهُ، ولكنك تدخلُ فيما لا يعنيك، وإِنَّما تريدُ بهذا رضا مَنْ هو غائبٌ عنك. فأقبل عليه مروان مُغْضَبًا وقال: قد أكثَرْتَ على رسول الله الحديثَ الكَذِبَ (٤)، وإنما قَدِمْتَ قبل وفاتِه بيسير. فقال: يا مروان، قَدِمْتُ سنة سبع بخيبر وأنا يومئذٍ قد زِدْتُ على ثلاثين سنةً، فأَقمتُ معه حتى توفيَ، أَدورُ معه في بيوتِ أزواجِه وأخدمُه، وأُصلّي خلفه، وأغزو معه، وأحجُّ معه، وسمعتُه يلعنُك ويلعن أباك، وأنت طليقٌ بن طليق (٥). وذكر كلامًا آخرَ، فسكت عنه وصار يتّقيه.


(١) المصدر السابق. وسيرد الخبر عن البلاذري بمعنى آخر.
(٢) الطبقات ٦/ ٣٩٤.
(٣) في (خ): وإنما الوالي، وفي (م): وإن الولاية، والمثبت من "الطبقات" ٦/ ٣٩٤. (والخبر منه) وهو المناسب لقوله بعده: لَغَيرُك.
(٤) كلمة: الكذب، ليست في (م).
(٥) قوله: وسمعته يلعنك … إلى هذا الموضع، ليس في (م) ولا في "الطبقات" ٦/ ٣٩٤، ولا في "أنساب الأشراف" ٢/ ٣٩٧.