للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشعبي: فواللهِ ما تعلَّقنا عليه بكذبة، وما وعدنا خيرًا ولا أَوعَدَنا شرًّا إلّا أنفذَهما.

وقال عمر بن شَبَّةَ عن الشعبي (١): أولُ رجلٍ قتلَه زيادٌ بالكوفةِ أوفى بن حصن؟ بلغه عنه شيءٌ، فطلبه، فهرب، ثم عرض الناسَ، فمرَّ به فقال: من هذا؟ قالوا: أوفى، فقال زياد: أَتَتْكَ بحائنٍ رجلاه (٢). ثم قال له: ما رأيُك في عثمان؟ فأثنى عليه وقال: صِهْرُ رسولِ الله على ابنتيه. قال: فمعاوية؟ قال: جَواد حليم، قال: فأنا؟ قال: بلغني أنك قُلْتَ مقالة بالبصرة: واللهِ لآخُذَنَّ البريءَ بالسقيم، والمُقْبِلَ بالمُدْبِر، قال زياد: قد قلتُ ذلك، فقال: خبطتَها عشواء (٣). فأمر بقَتْله.

فقال عبد الله بن همام السَّلُولي هذه الأبيات:

خَيَّب الله سَعْيَ أوفى بن حِصْنٍ … حين ألقى بروحه الهمَّاءَ (٤)

قادَه الحَيْنُ والشقاءُ إلى لَيْـ … ـثِ عرينٍ وحبَّةٍ صمَّاءِ

وقال علماء السير: قيل لزيادٍ حين قَدِمَ الكوفةَ: إنَّ شيعةَ أميرِ المؤمنين يجتمعون إلى عمرو بن الحَمِق.

وقيل: إنَّ الذي قال له ذلك عُمارةُ بن عقبةَ بن أبي مُعَيط؛ قال له: إنَّ شيعةَ أبي تُراب يجتمعون إلى ابنِ الحَمِق، فقال عمرو بن حُريث لعُمارة: ما الذي دعاك إلى أمرٍ ما تدري ما عاقبتُه؟ فقال زياد: كلاكما لم يُصِبْ، أما أنتَ يا عُمارةُ فحيثُ خاطبتني بهذا [علانية]. وأما أنت يا عمرو فكيف رَدَدْتَ عليه كلامه؟ قوما إلى عمرو بن الحَمِق فقولا له: ما هذه الزُّرافات التي تجتمعُ عندك؟ مَنْ أرادكَ ففي المسجد (٥).


(١) تاريخ الطبري ٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦.
(٢) مَثَلٌ يُضرب للساعي على نفسه بالهلاك. ينظر "جمهرة الأمثال" ١/ ١١٩، و"المستقصى" ١/ ٣٧.
(٣) في (خ) و (م): خبطها في عشواء أو عسواء، والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٣٦.
(٤) كذا في (خ). وفي "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٣٦: حين أضحى فرُّوجة الرّقاء. ومن قوله: فقال عبد الله بن همَّام السَّلُولي … إلى قوله: ولما حصبه أهل الكوفة اتخذ المقصورة بالجامع (في الصفحة التالية)، ليس في (م).
(٥) المصدر السابق وما سلف بين حاصرتين من (م).