للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إنَّ الذي رفع على ابن الحَمِقَ يزيد بن رُوَيم، فقال عَمرو بن حُريث: ما كان قَطُّ على ما ينفعه (١) أَقْبَلَ منه اليومَ، فقال زياد: أما أنت يا يزيد بن رُوَيْم فقد أَشَطْتَ دَمَه، وأما ابن حُريث فقد حقن دَمَه، ولو علمتُ أن مخَّ ساقِه قد سال من بُغْضي ما هِجْتُه حتى يخرجَ عليَّ.

ولَمّا حصبه أهلُ الكوفة اتَّخذ المقصورة بالجامع.

وقال البلاذري عن سلمة بن كُهَيْل: أوَّل مَنْ وطئ صِماخَ الإسلام زياد (٢).

وقال الواقدي (٣): وفي هذه السنة أراد معاويةُ أن يقلعَ منبرَ رسول الله من المدينة، وينقلَه إلى الشام، فلما حرَّك المنبر رجفت الأرضُ، وكَسَفَت الشمس، وأظلمت الدنيا، وظهرتِ النجومُ، فأعظم الناسُ ذلك، فقال معاوية: لم أُرِدْ نَقْلَه، وإنَّما خِفْتُ أن يكون قد أَرِمَ (٤)، فأَرَدْتُ أن أُصلحه، ثم كساه القَباطيّ.

وفي روايةِ الواقديّ قال: حدثني يحيى بن سعيد بن دينار، عن أبيه قال: قال معاوية: إني قد رأَيتُ أنَّ منبرَ رسولِ الله وعصاه لا يُتركان بالمدينة، وأَهلُها قَتَلَةُ أميرِ المؤمنين عثمان وأعداؤه. فلما قَدِم المدينةَ طلب العصا، وهي عند سعد القَرَظ، فجاءه أبو هريرة وجابر بنُ عبد الله، فقالا: يا أمير المؤمنين، نُذكِّركَ اللهَ أن تَفْعَلَ هذا، فإنه لا يصلح أن يخرج منبر رسول الله من موضعه الذي وضعه فيه ولا عصاه، فانقل المسجدَ أيضًا.

فاعتذر إلى الناس مِمّا صنع، وزاد فيه ستَّ دَرَجات، فصار ثمانيًا.

قال الواقدي (٥): فحدَّثني جماعةٌ من أهل المدينةِ بإسنادهم إلى قَبِيصة بن ذُؤيب قال: كان عبد الملك بن مروان قد همَّ بنَقْلِه، فقُلْتُ له: أُذكِّرك اللهَ أن تفعلَ هذا، فإِن معاويةَ أراد ذلك، فكَسَفَتٍ الشمسُ، وأظلمت الدنيا، وقد قال : "من حَلَفَ عند مِنْبري آثِمًا فليتبوَّأ مقعده من النار" فتُخرجه من المدينة وهو مُقَطّع الحقوقِ بينهم! فأَقْصَرَ عبد الملك عن ذلك.


(١) في (خ) (والكلام منها): شفعه، والمثبت من "تاريخ" الطبري.
(٢) أنساب الأشراف ٤/ ٢٦٨ و ٣١١، ولم يرد هذا القول في (م).
(٣) تاريخ الطبري ٥/ ٢٣٨.
(٤) في "تاريخ" الطبري: أرِضَ.
(٥) تاريخ الطبري ٥/ ٢٣٩، وما قبله منه.