للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفوا في أي مكان أخذ عليهم الميثاق على أقوال:

أحدها: بأرض نَعمَان: وادٍ إلى جانب عرفة، قاله ابن عباس (١)، قال: ولذلك سميت عرفة، إمَّا لأنهم عرفوا ربَّهم هناك، وإمَّا لأنهم عرف بعضهم بعضًا.

والثاني: بين مكة والطائف، قاله الكلبي.

والثالث: بالدَّهنَاء -موضع بالهند- وفيه أُهبِطَ آدم، وهو رواية ابن عباس.

والرابع: بدَحْنا (٢).

وحكى الطبري عن السُّديِّ: أنَّ الله أخرج ذريَّة آدم في السماء قبل أن يَهبط إلى الأرض، وبعد أن أخرجه من الجنَّة (٣).

والأوَّل أصحُّ، لأنَّ حديث ابن عباس قد نصَّ عليه (٤).

واختلفوا في قوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢]:

قال الفراء: هو سؤال تقرير. فإن قيل: فلو قالوا: نعم، هل يكون إقرارًا؟ فالجواب: لو قالوا: "نعم" لكفروا، لأنه يكون جحدًا، وذلك لأنَّ "نعم" جوابُ التصديق، وبلى جواب التحقيق، فإذا قالوا: "نعم" صار معناه: لستَ ربنا، ألا ترى أنه لو قال رجل لآخر: أليس لي عندك وديعة؟ فقال: بلى، يثبت حقه، ولو قال: نعم، لم يثبت، لأنه يكون جحدًا، مثل قول: لا.

واختلفوا في قوله: ﴿شَهِدْنَا﴾ [الأعراف: ١٧٢]:

فقال السُّدي: هو خبر من الله تعالى عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم.

وقال مقاتل: هو خبر عن إقرار بني آدم حين أشهد الله بعضهم على بعض.

ومعنى ﴿تَقُولُوا﴾ أي: لئلَّا تقولوا يوم القيامة ﴿إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ أي: عن الميثاق والإقرار.


(١) ليست في (ب)، والخبر أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٣٤.
(٢) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٣٥ - ١٣٦ عن ابن عباس.
(٣) "تاريخ الطبري" ١/ ١٣٦.
(٤) وهو قوله : "أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان" وقد تقدم تخريجه في فصل الجبال: جبلي نعمان.