للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى أبو حاتم الرازي عن الحُطيئة الشاعر أنَّه قال: أَبْلِغُوا بني قَيلَةَ أن شاعِرَهم أشْعَرُ العربِ حيث يقول:

يُغْشَوْن حتى ما تَهِرُّ كلابُهم

وحكى العُتْبِيُّ عن عبد الملك بن مروان أنه قال: أشعرُ بيتٍ قالت العربُ:

يُغْشَوْنَ حتى ما تَهِرُّ كلابُهم

قال: صار لها أَنَسَةٌ بالضُّيوف.

قلتُ: وهذه رواية أبي عمرو الشيباني أنَّ حسَّان قصد المنذر بن عمرو (١).

وكذا ذكر أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" القصَّةَ وذكر فيها العجائب، وأسنَدَها إلى هشام بن الكلبي عن حسان قال (٢):

خرجتُ أريد عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغَسَّاني، فلما كُنْتُ في بعض الطريق، وقفتُ على السِّعْلاةِ في الليلِ فقالت: أَينَ تُريدُ يا ابنَ الفُرَيعة؟ قلتُ: الملكَ عَمْرًا. فقالت: أتَعْرِفُني؟ قلتُ: لا. قالت: أنا السِّعلاةُ صاحبةُ النابغة، وأُختي المعلاة صاحبةُ عَلْقَمة بن عَبْدَة. وإني مُقْترحةٌ عليك بيتًا، فإنْ أَنْتَ أَجَزْتَه، شفعتُ لك عند أُختي، وإن لم تُجِزْهُ، قتلتُك. قلتُ: هاتِ، فقالت:

إذا ما تَرَعْرَعَ فينا الغُلام … فما إِنْ يُقالُ له مَنْ هُوَهْ

[قال: فتتبعتها من ساعتي فقلت]:

ولي صاحبٌ من بني الشَّيْصَبان … فحينًا أقولُ وحينًا هُوَهْ

فقالت: أَولى لك! نجوتَ، فاسمع مقالتي واحْفَظْها: عليكَ بمدارسةِ الشِّعر، فإنَّه أَشرفُ الآداب وأكرمُها، وبه يُتوصَّلُ إلى مجالسِ الملوك وتُخدم، وبتركه تتَّضع.

ثم قالت: إنَّك إذا وَرَدْتَ على الملكِ وَجَدْتَ عنده النَّابغةَ، وسأصرفُ عنكَ مَعَرَّتَه، وعلقمةَ بن عَبْدَة، وسأُكلِّمُ المعلاة (٣) أُختي تردّ عَنْكَ سَوْرَتَهُ.


(١) كذا في (خ) والكلام منها) وسلف أنه قصد عمرو بن الحارث بن أبي شمر.
(٢) مختصر تاريخ دمشق ٦/ ٢٩٧ - وما بعدها.
(٣) وقع في (خ): السعلاة، وهو خطأ.