للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقفالها، وخُذْ ما فيها. فقال عقيل: أردتَ أن تجعلني سارِقًا! [فقال علي: أنت أردت أن تتخذني سارقًا] أرَدْتَني أن آخُذَ أموال الناس -أو المسلمين- فأُعطيَكَ إيّاها! قال: لأذهبَنَّ إلى رجُلٍ هو أوْصَلُ لي منك. يعني مُعاوية. قال: أنت وذاك.

فذهب إلى مُعاوية فعرف له ذلك، فأعطاه مئة ألف درهم، وقال له: اصعدِ المنبر واذكُر ما أولاك عليٌّ من نفسه، وما أوليتُكَ. فصعد المنبر وقال: أيُّها الناس، إني أُخبركُم أني أردتُ عليًّا على دينه، فاختار دينَه، وأني أردتُ مُعاويةَ، فاختارَني على دينه. فقال معاوية: هذا الذي تزعمُ قريشٌ أنه أحمق وأنَّها أعْقَلُ منه!

وذكر ابنُ عساكر أيضًا في "تاريخه" أن معاويةَ قال لعقيل: لا أرضى منكَ إلّا أن تصعدَ المنبر، فتلعنَ أخاك، فصعد المنبر وقال: أيها الناس، إن مُعاويةَ أمرني أن ألعنَ أخي، فالعنوه. ففهم معاويةُ قَصْدَه.

وذكر ابنُ عساكر أيضًا عن الرِّياشي قال: لَمّا قَدِم عَقِيل على مُعاوية، قرَّبه وأدناه ووصله، وقضى عنه دَيْنَه، وقال له في بعض الأيام: إن أخاك لَغَيرُ حافظٍ لك؛ قطَعَ قرابتَك وما وَصَلَكَ. فقال له عَقِيل: واللهِ لقد أَجْزَلَ العطيّة وأَعْظَمَها، ووصَلَ القرابةَ وحَفِظَها، وأحسن ظنَّه بالله إذ ساءَ ظنُّك به، وحَفِظَ أمانَته وخُنْتَ أمانتَك، فاكفُفْ عنه، فإنَّه عما تقولُ بمعزل.

ذِكرُ مخاطبة معاوية لعقيل بن أبي طالب:

قال: وقال له معاوية ليلةَ الهَرِير؛ يا أبا يزيد، أنْتَ الليلةَ معنا. قال: فيوم بدرٍ -أو ليلة بَدْرٍ- كُنْتُ معكم أيضًا (١).

وقال، وقال له رجل: تركتَ أخاكَ وأتيتَ مُعاوية؟ فقال: إنَّ أخْوَنَ (٢) مني من سَفَك دمه بين أخي وابن عمي ليكون أحدُهما أميرًا.


(١) أنساب الأشراف ٢/ ٧٣. وليلة الهَرِير هي الليلة الثالثة من ليالي صِفِّين، وكانت ليلة الجمعة، لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر سنة (٣٧)، شُبّهت بليلة القادسية. ينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٢٢٠ و ٢٢٣.
(٢) العقد الفريد ٤/ ٥. وفي "أنساب الأشراف" ٢/ ٧٣ (والخبر فيه بنحوه): أحين.