للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم قومهم بما تسمعون؟ فقال له يزيد بن أسد البجلي: أرى أن تُفَرِّقَهم في قُرى الشام فيكفيكم (١) طواغيتُها.

ودفع وائل بن حُجر كتابَ شُريح بن هانئ إلى معاوية، فقرأه، فإذا فيه:

لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شُريح بن هانئ، أما بعد، فإنَّه بلغني أنَّ زيادًا كتبَ إليك شهادتي على حُجْر بن عديّ، وإنَّ شهادتي على حُجْر أنَّه مِمَّن يُقيمُ الصلاةَ ويؤتي الزكاة، ويحجُّ البيتَ وَيعتمرِ، ويأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المنكر، حرامُ الدمِ والمال. فإن شِئْتَ أنْ تقتلَه، كان شئت أنْ تَدَعَه. فقال معاوية لوائل: ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسَه من شهادتكم (٢).

وحَبَسَ القومَ بمرج عَذْراء، وكتب معاوية إلى زياد: أما بعد، فقد علمتُ ما اقتصصتَ من أمر حُجر وأصحابه، وشهادة مَنْ قِبَلك، فنظرتُ في ذلك. فأحيانًا أرى قَتْلَهم أفضلَ من تَزكهم، وأحيانًا أرى العَفْوَ عَنهم أفْضلَ.

فكتب إليه زياد مع يزيد بن حُجَيَّة بن ربيعة التَّيمي: أما بعد، فقد عجبتُ من اشتباهِ أمرِ حُجْر وأصحابِه عليك بعد أن قد سمعتَ شهادةَ من هو أعلم منهم، فإن كانت لك في هذا المِصرِ حاجَة، فلا تَرُدَّنَّ حُجْرًا وأصحابَه إليه.

وسار يزيد حتى قَدِمَ الشامَ، فمرَّ بهم بِعَذْراء، فقال لهم: واللهِ لقد جئتُ بكتابٍ فيه الذَّبْح، فمُروني بما أحبَبْتُم أعمل به، فقال له حُجْر: تُبْلغُ معاويةَ أنَّا على بَيعتِنا لا نُقيلُها، وإنَّما شهد علينا أعداؤنا، وكثَّر علينا زياد.

فلما قَدِم يزيدُ على معاوية ودفع إليه كتابَ زياد، أَبْلَغَه قولَ حُجْر، فقال معاوية: زياد عندنا أصدقُ.

وقال ابن سعد: لَمّا أُتي بحجر وأصحابِه إلى الشام، وبلغَ عائشةَ الخَبَرُ؛ بعثَتْ بعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المَخْزومي إلى مُعاوية تسألُه أن يُخلِّيَ سبيلهم (٣).


(١) في (ب) و (خ): فيكفيهم، والتصويب من "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٧٢.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٢٧٢، وما بعده منه.
(٣) طبقات ابن سعد ٨/ ٣٣٨.