للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى الطبري أيضًا (١) عن أبي مِخْنَف، عن عبد الرحمن بن نوفل (٢) قال: قالت عائشة: لولا أنا لم نُغَيِّرْ شيئًا إلا آلت بنا الأُمورُ إلى ما كُنا فيه (٣)، لغَيَّرْنا قَتْلَ حُجْر، أَما واللهِ لقد كان -ما علمتُ- مسلمًا حاجًّا معتمرًا. وكان حُجْرٌ كثيرَ الحجِّ.

وقال الطبري عن أبي مِخْنَف عن أبي سعيد المَقْبُريّ قال: حجَّ معاويةُ، فاستأذنَ على عائشة، فأذِنَت له، فقالت: يا معاويةُ، أَأَمِنْتَ أن أَخْبَأَ لك من يَقتُلكَ؟ فقال: بيت الأمنِ دخلتُ. فقالت: أما خَشِيتَ الله في حُجْر وأصحابه؟! فقال: لستُ أنا قَتَلْتُهم، إنَّما قتلهم من شَهِدَ عليهم.

وحكى ابن عساكر عن ابن لهيعة قال: لَمَّا حجَّ معاويةُ دخلَ على عائشة فقالت له: يا معاوية قَتَلْتَ حُجْرًا وأصحابَه؟ واللهِ لقد قَتَلْتَ بمرج عَذْراء سبعةَ نَفَرٍ يَغْضَبُ الله لهم وأَهلُ السماء. فقال: يا أُمَّ المؤمنين، لم يحضُرني رجلٌ رشيد (٤).

وفي روايةِ الهيثم. فقال معاويةُ: دعيني وحُجْرًا نلتقي غدًا. فَحَجَّتْهُ عائشة.

وقال ابن عساكر أيضًا (٥): إن معاوية لما قتل حُجرًا نَدِمَ، فكتب إلى مروان يُخبره بما دخله من النَّدامة؛ فكتب إليه مروان: فأينَ كان عقلُك وحِلْمُك [فكتب إليه: إنك غِبْتَ عني وأصحابُك في جفاء قيس] وطعام اليمن.

وحكى الطبري عن أبي مِخْنَف قال (٦): حدثني زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق قال: أدركْتُ الناسَ وهم يقولون: إن أوَّل ذل دَخَلَ الكوفةَ موتُ الحسنِ بن عليّ، وقَتْلُ حُجْرٍ وأصحابه، ودعوةُ زياد.

وقال أبو مِخْنَف: وزعموا أن معاويةَ قال عند موته: يومٌ في من ابنِ الأدبرِ طويلٌ. قالها ثلاثًا، يعني حُجْرًا.


(١) في "تاريخه" ٥/ ٢٧٩، وما قبله فيه ٥/ ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) في "تاريخ" الطبري: عبد الملك بن نوفل، وهو الأشبه.
(٣) في تاريخ الطبري ٥/ ٢٧٩: إلى أشدَّ مما كنَّا فيه.
(٤) لم أقف عليه في "تاريخ دمشق". وهو بنحوه في "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٥٧. وينظر "تاريخ دمشق" ٤/ ٢٧٢ (مخطوط)، ومختصره ٦/ ٢٤١.
(٥) تاريخ دمشق ٤/ ٢٧٤ (مصورة دار البشير) وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٦) تاريخ الطبري ٥/ ٢٧٩.