للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القَتْل. فجاؤوا وقد قُتِلوا، فعادوا إلى منازلهم، ولم يأتِ مالكٌ معاويةَ فأرسل إليه فلم يأتِه، فقال معاويةُ: دعوه، فإنَّها حرارةٌ يِجِدُها في صَدرِه. وبعث إليه معاويةُ في الليل بمئةِ ألف درهم وقال له: لم يَمْنَغني أن أُشَفِّعَك في ابن عمِّك إلا شفقةٌ عليك وعلى أصحابك؛ فإنَّ حُجْرًا لو بقيَ لكلَّفك الشُّخوصَ إليه، فيكون على الإسلام مُصيبةٌ أَعظمُ من قَتْلِه. فأَخَذَ مالِكٌ المال، ورضيَ عن معاوية، وجاء في قومهِ إليه، فدخل وسلَّم عليه (١).

واختلفوا في المكان الذي قُتِلوا فيه، والمشهور أنَّه مَزج عَذْراء، فإنهم لما وصلوا إلى هناك قال معاوية: اقتلوهم ولا أراهم.

وذكر الهيثم بنُ عديّ أنَّ حُجْرَ بنَ عديّ لَضا حُمِلَ إلى الشام ودخلوا به إلى معاوية فقال: السلامُ عليك يا أمير المؤمنين، فقال معاوية: أوَ أميرُ المؤمنين أنا؟ قال: نعم. قال: أَخْرِجوه فاضربوا عُنُقَه. فقال: لا تفكُّوا عنّي حديدًا، ولا تغسلوا عني دمًا، فإني أخاصمُ غدًا معاوية، أو أُلاقيه على الجادَّة. فأخرجوه فقتلوه. والأصحُّ أنَّه قُتِلَ بمرج عذراء لما ذكرنا (٢).

وحكى أبو القاسم بن عساكر عن عبدِ الله بن لهيعة قال: قال علي بن أبي طالب: يا أهل العراق، سيُقْتَلُ سبعةُ نَفَر بمرج عذراء، مَثَلُهم كمثل أَصحاب الأُخْدود (٣).

ذِكْرُ معاتبةِ عائشةَ معاوية، وإنفاذِها إليه، وما ذكر العلماء في مَقْتَلِ حُجْر:

ذكر العلماءُ وابن سعد أن عائشةَ لَما بلغها حديثُ حُجْر وأصحابِه كتبَتْ إلى معاوية مع عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أو أرسلت إليه، فقَدِمَ وقد قُتِلوا، فقال له: يا أمير المؤمنين، أين عنك حِلْمُ أبي سفيان؟ فقال: غَيبَةُ مثلك (٤) عني من قومي -أَو من حُلَماء قومي- وحمَّلَني ابنُ سميَّةَ فاحتمَلْتُ. وقد حكاه الطبري، أعني الأصل والزيادة.


(١) تاريخ الطبري ٥/ ٢٧٨.
(٢) ينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٢٩١ - ٢٩٢.
(٣) تاريخ دمشق ٤/ ٢٧٢.
(٤) في (خ): مثل ذلك، والمثبت من "طبقات" ابن سعد ٨/ ٣٣٩، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٢٧٩.