للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قَسامة بن زهير (١): إنَّ أبا موسى خَطَبَ الناسَ بالبصرة، فقال: أيها الناس، اِبكُوا، فَإِنْ لم تَبْكُوا فَتَباكَوْا، فإنَّ أهلَ النار يبكُون بالدُّموع (٢)؛ حتى تنقطع، ثم يبكُون الدِّماءَ حتى لو أُطلقَتْ فيها السُّفُنُ لسارَتْ.

وحكى ابن سعد (٣) أنَّ أبا موسى الأشعريَّ لما نُزعَ عن البصرة؛ خرجَ منها وما معه إلا ستُّ مئة درهم عَطاء عياله.

ووقعَ بالبصرة طاعون، فقيل له: اُخْرُجْ إلى وابِق، فقال: إلى الله وابِق (٤). ووابق اسم موضع خارج البصرة.

وقال أبو موسى: كتبَ إليَّ معاوية: إنَّ عمرَو بنَ العاص قد بايَعَني على ما بايَعَني عليه، وإني أُقسمُ بالله، لئن بايَعتَني على ما بايَعَني عليه لأَبْعَثنَّ ابْنَيك؛ أحدهما على البصرة، والآخر على الكوفة، ولا يُغلق دونَك باب، ولا تُقْضَى دونَك حاجة، وقد كتبتُ إليك بخطِّ يدي، فاكْتُبْ إليَّ بخطِّ يدِك.

فكتبتُ إليه: أمَّا بعد، فإنَّك كتبتَ إليَّ في جسيمِ أمرِ أمَّةِ محمد ، فلا حاجةَ لي فيما عَرَضْتَ عليّ.

فلما وليَ؛ أتيتُه، فلم يُغْلَقْ دوني باب، ولم تكن في حاجة إلا قُضِيَتْ (٥).

وقال أبو بُردَة: دخلتُ على معاويةَ حين أصابَتْه القَرحة، فقال: هلمَّ يا ابنَ أخي تَحوَّلْ فانظر. فنظرتُ؛ وإذا هي قد سُبِرَتْ (٦). فدخلَ يزيدُ ابنُه، فقال له: إن وليتَ من أمر الناسِ شيئًا؛ فاستوصِ بهذا خيرًا، فإنَّ أباه كان أخًا لي، أو خليلًا (٧).


(١) تحرف في النسختين (ب) و (خ) إلى: فايد بن زهر.
(٢) في "طبقات" ابن سعد ٤/ ١٠٣، و"صفة الصفوة" ١/ ٥٥٩: الدموع.
(٣) في "الطبقات" ٤/ ١٠٤.
(٤) في "طبقات" ابن سعد، ٤/ ١٠٤: آبق.
(٥) المصدر السابق ٤/ ١٠٥.
(٦) أي: خُبِرَت، وبانَ غورُها.
(٧) بعدها في "الطبقات" ٤/ ١٠٥: غير أني قد رأيت في القتال ما لم يرَ.