للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال هشام بن محمد:] وكان أبو موسى عاملَ رسولِ الله على زَبِيد، وعَدَن، وساحلِ اليمن، وأقرَّه أبو بكر [عليها، وولَّاه عمر] البصرة، واستعملَه عثمانُ على الكوفة، وقُتل عثمانُ وهو عاملُه عليها (١).

وقال الهيثم: لا نعرفُ أحدًا وليَ لخمسة أئمة إلا هو ورَوْحُ بنُ حاتم، فأمَّا أبو موسى الأشعري؛ فوَلِيَ للنبيِّ ، وأبي بكر، وعُمر، وعثمان، وعليّ رضوان الله عليهم، ورَوْحٌ وَليَ للسَّفَّاح، وللمنصور، وللمهديّ، وللهادي، وللرشيد.

قال أبو موسى: خَرَجْنا غُزاةً في البحر؛ فبينا نحن نسير والربح طيِّبةٌ، والشراعُ مرفوعٌ؛ إذ سمعنا مُناديًا يُنادي: يا أهل السفينة، قِفُوا حتى أخبركم. حتى والى بين سبعة أصوات، فقُمت على صدر السفينة، فقلت: ما تَرَى ما نحن فيه؟! وهل نستطيعُ وقوفا؟ فقال الصوت: ألا أُخبرُكم بقضاء قضاه الله على نفسه؟ إنه مَنْ عَطَّشَ [نفسَه] للهِ في يوم حار؛ كان حقًّا على الله أن يُرويَه يومَ القيامة.

قال أبو بُردَة: وكان أبو موسى يَتَوَخَّى ذلك اليومَ الحارَّ الشديد الحرّ الذي يكادُ ينسلخُ فيه الإنسان، فيصومُه (٢).

وقال ابن عساكر: إنّ أبا موسى هربَ إلى مكةَ بعد التحكيم، والتجأَ عائذًا بالبيت من عليّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه، فكتب إليه معاويةُ أنْ أَقْبِلْ إلى الشام؛ فهو أوْسعُ لك، وإنما أراد أن يستميله. وكتبَ في آخر الكتاب:

وفي الشامِ أمرٌ واسع ومعوَّلُ … وعُذْرُكَ مبسوطٌ وقولُك جائزُ

وإنْ كُنتَ قد أُعطيتَ عقلًا فَشُبْتَهُ (٣) … بتركك وَجْه الحقِّ فالحقُّ بارِزُ

وإن كنت أضمرتَ (٤) الهدى فاتْبَعِ الهُدى … وإن كنتَ لم تُبْصر فإنَّك عاجزُ


(١) تاريخ دمشق ٣٧/ ٣٠٧ و ٣٠٩ (طبعة مجمع دمشق) والكلام بين حاصرتين من (م).
(٢) المصدر السابق ٣٧/ ٣٧٥.
(٣) في (ب): فشُنْتَه.
(٤) في "تاريخ دمشق" ٣٧/ ٣٨٥ (والخبر فيه): أبصرتَ.